كما لا يخفى ولا للمقدمة الثالثة لعدم استناده في الاخبار الى الحس بل الى الاجتهاد الغير القائم على تصديقه دليل إلى الآن بل الدليل على خلافه.
فظهر مما ذكرناه أنه كما لا يجب تصديق الشاهد في أمثال المقام إذا علم استناده الى السبب الفاسد عند السامع كذلك لا يجب إذا شك في الاستناد اليه والى السبب الصحيح من حدس أو اجتهاد ، فالمخبر بالملك وان احتمل في حقه الاستناد الى العقد الصحيح الجامع لشرائط الصحة عند الكل فلا يقبل قوله أيضا لدورانه بين ما يقبل وما لا يقبل ، والشك في الشرط يستلزم الشك في المشروط كما لا يخفى.
ومن هنا ظهر أيضا بطلان ما أشير إليه في المقدمة الاولى من قبول الشهادة إذا كان المشهود به مفهوما متحدا مختلفا فيه بحسب الأسباب.
فإن قلت : لم يتوقف أحد في قبول الشهادة على الملك والزوجية مع اختلاف العماء في أسباب الملكية والزوجية ، وكذا في قبول الشهادة على سائر الموضوعات الصرفة ، كالهلال ودخول الوقت ونحو هما مع قيام احتمال استناد الشاهد الى بعض الأسباب الحدسية في الكل. وعلى ما ذكرنا من عدم تصديق العادل فيما يحتمل فيه الاجتهاد أو الحدس لزم التوقف في هذه الصورة رأسا ، ولعل فساده بديهي.
قلت : وجه قبول الشهادة بهذه الأمور مع الشك في الاستناد الى السبب الفاسد أو الحدس الباطل أحد أمور لا يجري شيء منها في الاخبار عن الفسق :
( أحدها ) دعوى قيام السيرة المستمرة الكاشفة عن دليل آخر غير أدلة تصديق العادل من حيث أنه عادل ، فيكون الأصل في الاخبار بهذه الأمور الصحة الواقعية ، نظير أصالة الصحة في الأفعال على القول بكونها دليلا على الصحة الواقعية وان لم يقتضها ظاهر حال المسلم.