الدعوى المجهولة ، لاحتمال كونها من السياسات التي قد تجب على الحاكم بنفسها أو مقدمة للدعوى التي سماعها من حقوق المدعي. وبعبارة أخرى :
وجوب سماع الدعاوي المحررة شيء واجابة المدعي بإحضار الخصم لتحرير الدعوى شيء آخر ، فلا منافاة بين عدم الأول لجهل المدعى به ووجوب الثاني سياسة أو مقدمة للتحرير ـ فتأمل.
« وثانيهما » ـ انه إذا لم يكن الدعوى محررة لم يعلم شرط وجوب إحضار الخصم ، لان وجوبه مقدمة لاستنقاذ حق المدعي أو إيفاء بحقه في سماع الدعوى الصحيحة ، ولا يعلم شيء من الأمرين قبل التحرير ، والشك في شرط الوجوب يوجب الشك في نفسه.
نعم لو علم من حال المدعي ان له دعوى صحيحة نسلم وجوب الإحضار قبل التحرير ، ولكن كلمات الأصحاب مطلقة.
ويمكن ذبه ـ مضافا الى ما عرفت في دفع الاشكال من الوجه الأول ـ باعمال أصالة الصحة في الدعوى ، فإنها مما تتصف بالصحة والفساد ، فيجري فيها الأصل المزبور ، أو بأن وجوب سماع الدعوى الصحيحة انما هو لاستنقاذ حق المدعي المحتمل لا المعلوم. وهذا الاحتمال قائم قبل التحرير أيضا.
والسر في الموضعين أنه لو بني على عدم التعرض لمقدمات الاستنقاذ الا بعد العلم بثبوت المستنقذ ـ أعني الحق ـ لزم تضييع حقوق كثيرة واختلال أمور المسلمين كما لا يخفى.
( الثاني ) ان عدم وجوب سماع الدعوى المجهولة فيما كان فيه قدر متيقن مبني على ما يأتي في المسألة الاتية من اشتراط الجزم في الدعوى والا وجب السماع لأنها تنحل حينئذ إلى دعوى مجزومة بالنسبة إلى القدر المتيقن ومشكوكة