من عدم جواز الحكم بالبينة السابقة أن يكون وظيفة الحاكم حينئذ إحلاف المنكر الذي علم بقيام البينة على اشتغال ذمته. ومقتضى القول بحجية البينة مطلقا من غير انضمام الحكم اليه أن يجوز له ترتيب آثار الاشتغال ، وهذا أيضا مما يفصح بفساد القول المزبور ـ الى غير ذلك مما يتفرع عليه من غوامض المسائل ومشكلات الفروع.
( الثاني ) ان الفتوى في الشبهات الحكمية مثل الإقرار في الشبهات الموضوعية ، فكما أن الإقرار حجة قبل لحوق الحكم كذلك الفتوى في المرافعات التي منشأها الاشتباه في الحكم الشرعي ، بمعنى أن ما عند كل شخص من المدعي وغيره من الفتوى أو الاجتهاد يجوز له العمل سرا وترتيب آثاره باطنا من غير ترقب صدور الحكم على طبقه. وهذا من فروع ما أشرنا إليه في مسألة النقض.
( الثالث ) ان فائدة الإقرار في المال قد تتوقف على اعمال بعض الأصول العملية كما لو أقر بدين في الماضي ، أو اعمال بعض الأصول اللفظية كما لو أقر بلفظ محتمل لخلاف المقصود وظاهر فيه.
ولا إشكال في أن الحاكم يجري الأصلين ويأخذه بإقراره حالا في الأول وعلى حسب ما يقتضيه ظاهر لفظ الإقرار في الثاني. وأما غير الحاكم ففي الاقتصار على الإلزام به من غير أعمال الأصل مطلقا فيلزمه بدين الماضي في الماضي إذا كان هناك فائدة مترتبة على الاشتغال في الماضي دون الحال في الأول ، وبالقدر المتيقن من مدلول لفظ الإقرار لو كان هناك قدر متيقن يترتب على الإلزام به فائدة في الثاني ، أو الإلزام مع اعمال الأصل مطلقا ، أو التفصيل بين الأصل العملي فالأول واللفظ فالثاني ، وجوه :
« وجه الأول » ـ ان البينة أقوى الطرق الشرعية ، ولذا لا يعارضها شيء منها ، وبعد ما عرفت أنها ليست حجة إذا تضمنت حقا على الغير الا للحاكم فما عداها