ويعترف بعدم استحقاقه ، فلا يبقى مال يمكن أن يجعل المبيع في مقابله.
قلت : لا منافاة بين عدم استحقاق البائع شيئا من الخصوصيتين واستحقاقه مالا كليا بمقتضى اعتراف المشتري واعتقاد البائع ، لأن الحكم يتبع الدليل ولو على نحو يقتضي الجمع بين المتضادين أو المتناقضين ، ومن الواضح أن جواز المقاصة حكم من أحكام استحقاق المال المطلق لا المال المعين.
وان شئت قلت : ان الثمن الذي يعترف به المشتري لا ينفيه البائع بحسب مقدار ماليته ، فمقدار مالية ذلك الثمن أمر متفق الثبوت في ذمة المشتري ، فيعطى البائع عن مقدار ماليته لا عن نفسه ، لان نفسه مع قطع النظر عن المالية لا يقبل المقاصة ، الا أن مقتضى ذلك أن يقتصر في المقاصة على مقدار مالية الثمن الذي يعترف به المشتري.
والظاهر أن من يقول بالمقاصة في التحالف يقول بأنه يقتص بمقدار ما يدعيه المقاص من الثمن مثلا لا بمقدار ما يدعيه المقاص منه. والثمرة بينهما تظهر في مقدار الزيادة التي يجب على البائع مثلا دسها في مال المشتري ، فإنه يختلف زيادة ونقصانا باختلاف الوجهين.
ثمَّ انه قد ظهر أن الحكم في صورة كون الثمن دينا على خلاف ما قلنا في الدين من حرمة المقاصة ، فلو كان الثمن عينا فهل يحكم فيه بخلاف ما حكمنا في العين من جواز التصرف في العين باطنا ، بأن يدس البائع مثلا المبيع في مال المشتري ويتصرف بعين الثمن الذي وقع البيع عليه باعتقاد البائع؟ وجهان.
وجه العدم أن التصرف في الثمن تكذيب للحالف وتعرض له فلا يجوز ، ووجه الجواز ـ وهو الأقوى ـ أنه تصرف في ملكه لا في ملك المشتري ، وليس فيه تعرض للمشتري الحالف لا لنفسه بالدعوى والمخاصمة ولا لماله ، وليس فيه