وظاهره الاستثناء كما في المسالك (١) القضاء به فيها على القول بعدم القضاء به مطلقا : منها دعوى التهمة وقد تقدمت ، ومنها دعوى الوصي ما لا لليتيم ، ومنها دعواه على الورثة إيصاء الميت مالا للفقراء. والضابط كل موضع امتنع رد اليمين الى المدعي لمانع عقلي أو شرعي ، ولعله يأتي إنشاء الله تعالى بيان ذلك المانع الشرعي أو العقلي في المواضع المشار إليها.
ويمكن أن يستدل على الاستثناء بوجوه :
( منها ) أن فصل الخصومة في تلك المواضع ، مما لا بد منه ، لعموم الايات والاخبار الإمرة بالحكم بما أنزل الله تعالى الدالة على سماع الدعوى. مضافا الى ما فيه من المحافظة على عدم ضياع الحقوق الذي هو الداعي إلى شرعية أصل القضاء والى ظاهر اتفاقهم على ذلك.
ولو قيل بتوقيف الدعوى عند تمرد المنكر من الحلف على القول بعدم القضاء بالنكول ، وإذا ثبت سماع الدعوى فيها فلا بد من القضاء بالنكول ، إذ على تقدير عدمه لا يترتب على السماع فائدة إذا لم يكن للمدعي بينة ، لان الحاكم لا يقدر حينئذ إلزام المنكر بشيء ، فإن غاية ماله ان يقول له « احلف وان شئت لا تحلف فليس عليك شيء » ، ومن المعلوم أن ذلك عين عدم سماع الدعوى.
فان قلت : نمنع وجوب سماع الدعوى فيها مع عدم البينة ، لأن أوامر الحكم بما أنزل الله تعالى متخصص بحكم العقل بما إذا كان هناك ميزان للحكم. ومن هنا لا يسمع الدعوى على الميت أو الصغير. وبالجملة كل موضع ليس المدعى عليه قابلا للإحلاف إذا لم يكن للمدعي بينة وليس في هذه المواضع بعد فقد البينة ميزان للحكم ، لان يمين المنكر على تقدير كونها ميزانا فإنما هي في صورة إمكان الرد لا مطلقا ، لظاهر قوله عليهالسلام « استخراج الحقوق بالأربعة » التي ليس منها القضاء بالنكول بدون الرد.
__________________
(١) واعلم ان ظاهر المسالك الاستثناء من الرد لأمن القضاء بالنكول ـ فافهم « منه ».