والسر فيما ادعينا أن ظهور السكوت في مقام البيان الذي يوجب كون الرواية أخص من العلة المنصوصة ظهور عقلي وظهور العلة ظهور لفظي ، فهو مقدم على الظهور العقلي وان كان هو مقدما على الأصول.
ودعوى ان ما في الرواية من أن الغائب على حجته يؤكد الحصر المستفاد من السكوت ممنوعة ، لأن المراد بالحجة التي عليها الغائب هي إقامة البينة ، ولو سلم إطلاقها الشامل للإحلاف أيضا مع أنه كما ترى نقول أيضا : ان كون الغائب على حجته بمعنى جواز الإحلاف له إذا حضر وادعى الإبراء لا ينافي استحلاف القاضي أيضا قبل حضوره ، لان استحلافه احتياط فيما يصدر منه من القضاء ، وهذا لا ينافي كون الغائب أيضا على حجته إذا حضر.
ومن هنا يظهر أن ما في الدروس من الجمع بين إحلاف الحاكم قبل حضور الغائب وإحلافه إذا حضر ، ليس كل البعيد. ولعل الكلام يأتي فيه إنشاء الله تعالى.
نعم لو قلنا بتكافؤ الظهورين وتساقطهما كان المرجع العمومات النافية لليمين مع البينة ، مثل قوله « البينة على المدعي واليمين على من أنكر » بالبيان المتقدم.
ثمَّ ان المناط في الدعوى على الغائب وأخواته قيام احتمال البراءة إلى حين الدعوى الى زمان الغيبة كالموت في الدعوى على الميت ، فلا بد أن يكون اليمين على بقاء الحق فعلا وعدم حصول البراءة لا قبل الغيبة ولا بعدها على خلاف الدعوى على الميت ، فإنك عرفت أن المعتبر فيها احتمال البراءة قبل الموت لا بعده.
والفرق واضح ، لان احتمال البراءة بعد الموت ليس مما يتعلق بالميت بل بالورثة ، بخلاف احتمال البراءة بعد الغيبة ، فإن الغائب على فرض حضوره له دعوى البراءة بعد الغيبة.