التكليفي فالظاهر الحرمة ، لأنه قول بما لا يعلم وكذب بين. نعم مع وضوح الحال يمكن منع قبحه ، لعدم ترتب شيء عليه من الإغراء ونحوه.
ويدل على ما ذكر زيادة على كونه مقتضى القاعدة بعض الروايات أيضا ، مثل ما في علل فضل بن شاذان المروي في العيون (١) ، فإنه علل عدم مطالبة البينة من المنكر بأنه جاحد ولا يقدر على إقامة البينة ، فلو كان الاخبار بمقتضى الأصل عن الواقع جائزا لكان إقامة البينة على النفي ممكنا بمقتضى الأصل ، بل قد يظهر من الأصحاب أنه مفروغ عنه فيما بينهم ، لأنهم قسموا اليمين الى قسمين يمين البت ويمين نفي العلم ، وجعلوا محل الثاني ما إذا تعلقت بفعل الغير ، فلو لا عدم جواز اليمين على البت بمقتضى الأصول كانت اليمين مطلقا على البت ، لان متعلق الدعوى إذا كان فعل الغير يحلف على نفيه بتا بمقتضى الأصل.
هذا ما تقتضيه الأدلة ، لكن الالتزام به والبناء عليه مشكل ، مع قطع النظر عن خصوص ما ورد من جواز الاخبار بمقتضى بعض الأمارات ، لأن ذلك يستلزم سد باب الدعاوي والإنكار والشهادات والايمان في كثير من الإشهاد كالملكية والزوجية والنسب والعدالة والطهارة والنجاسة ونحوها مما لا يمكن إحرازها إلا باستعمال أصل من الأصول أو امارة من الامارات.
بل الاشكال جاز في جميع الأمور التي يترتب عليها الأحكام الشرعية ، فلا يتم الاخبار بالغصب أو الإتلاف أو القتل أو البيع أو الطلاق الى جميع الموضوعات الا مع الإغماض عن بعض الاحتمالات المنافية لتحقق المخبر به اتكالا على بعض الأصول اللفظية أو العملية أو الأمارات الشرعية كالفراش وأصالة الصحة ، لأنه إذا ادعى ملكية عين في يد شخص فلا بد من طرح احتمال دخولها في
__________________
(١) الوسائل ج ١٨ ب ٣ من أبواب كيفية الحكم ح ٦.