الى فتور رغبة الناس عن قبول الودائع ، فهو المانع من العمل بمقتضى الأصل الذي عليه بناء العقلاء من مطالبة الحجة من المدعي.
( ومن الثاني ) دعوى الدخول مع الخلوة والتيام الأخلاق وانتفاء الموانع ، فإن أصالة عدم الدخول التي صارت سببا لصدق المدعي على مدعيه موهونة بمعارضة الظاهر المستند إلى العادة ، فأشبه المنكر في قوة وسقط عنه كلفة البينة.
ومن الأخير تقديم قول مدعي الدم في اللوث بيمينه ، لأن القوة في جانب المدعي ، لمكان الامارة على صدقه مع كونه على وفق المصلحة ، حيث أن مطالبة البينة في دعوى الدم من المدعي مظنة ضياع الدم.
بل صرح بهذه المصلحة في حديث « ان الله حكم في دمائكم بخلاف ما حكم في أموالكم » (١) ، لأن الإمام عليهالسلام قد علل فيه عدم الاكتفاء باليمين من المنكر بأنه يوجب ضياع الدماء ، لكن المصالح الموجودة في تلك الموارد ليست علة مطردة حتى ينفعنا في الفروع المشتبهة ، بل انما هو على وجه الحكمة التي لا تتعدى عن موردها ، فلا بد في سقوطه إقامة البينة من المدعي من قيام دليل مخصوص لعموم نحو « البينة على المدعي » ، فان ثبت عمل به من حيث سقوط البينة.
وأما العدول عنها الى اليمين فلا بد أيضا من قيام دليل آخر ، إذ المدعي بعد ما عرفنا سقوط وظيفته الشرعية ـ أعني البينة ـ فلا دليل على قيام اليمين التي هي وظيفة المنكر مقامه ، بل لا بد من تصديقه بلا يمين ، وهو مخالف للأصل من جهتين : إحداهما من جهة طرح ذلك الأصل الذي يدعي خلافه ، والثاني من حيث كونه خروجا عن قاعدة انحصار القضاء بالبينة أو الإيمان.
__________________
(١) الوسائل ج ١٨ ب ٣ من أبواب كيفية الحكم ح ٣.