وليس في الكتب المعروفة عنوان لهذه المسألة ، ويندرج تحتها صلح المتنازعين عند عدم وجود الحاكم. وبالجملة كل مقام ليس للمدعي سلطنة على إحلاف غير المدعى عليه ، اما لكون الدعوى مما لا تسمع إلا بالبينة أو لفقد شرط من شروط القضاء كالاجتهاد.
وانما خصصنا الكلام بما إذا كان للمدعي سلطنة على الإحلاف مع عدم الفرق بينه وبين ما كان شرائط الإحلاف فيه موجودة ـ بأن يصالح المدعي عن دعواه الصحيحة بحلف المدعى عليه من غير مرافعة إلى الحكام ـ لأن فائدة المسألة انما تظهر فيه ، إذ مع سلطنته على الإحلاف.
وكيف كان فالصلح تارة يقع على المدعى به وأخرى على الدعوى ، وثمرة الصلح على الدعوى إسقاط كل ما كان للمدعي من الاثار الوضعية والتكليفية ، مثل إسقاط يمين المنكر لجميع آثار الدعوى لا المدعى به.
وأما الصلح عن المدعى به ـ بأن يقول المدعي « صالحتك عما ادعي من العين أو الدين بأن تحلف بالله على براءة ذمتك » مثلا ـ فهو على قسمين : أحد هما أن يكون المصالح به أعني الحلف هو الحلف على براءة الذمة بعد الصلح ، والثاني الحلف على براءتها قبل الصلح.
لا إشكال في فساد الصلح على الوجه الأول ، لأن الصلح لو كان صحيحا برئت ذمة المدعى عليه بعد الصلح جدا ، فيكون الحلف على البراءة بعده لغوا لا يترتب عليه غرض العقلاء ، إذ فائدته للمدعي التشفي ، وهو انما يتصور مع تجويز كذب الحالف ، وأما مع العلم بالصدق فلا فائدة فيه أصلا ، فيلزم من صحة الصلح فساده.
وأما على الوجه الثاني فالحلف حينئذ ليس هو الحلف الذي شرع ميزانا لطي الدعاوي ، لأن الحلف هذا مورده ما لو أقر المدعى عليه لألزم ، وهذا ليس