نعم الظاهر جواز الكذب له أيضا ، فيحلف كاذبا تخلصا عن جور المدعي وإيصالا للوديعة إلى صاحبها ، للأخبار الدالة على جواز الحلف الكاذب للتخلص من الظالم ، حتى ورد أنه أحلى من العسل.
لكن قد يقال : ان مصب تلك الاخبار ما إذا حصل الاضطرار والإلجاء إلى الكذب ، ومع إمكان التورية لا يتصور الإلجاء ، لأن النية أمر قلبي لا يعقل الإكراه عليه ، فيشكل الأمر بين الأخذ بظاهر الاخبار فلا يجب التورية وبين طرحها لمراعاة الاضطرار التي دل عليها العقل والنقل فلا يجوز الكذب مطلقا.
ويمكن التفصي بحمل الاخبار على ما هو الغالب المتعارف بين الناس من عدم التفات الملجأ والمضطر حين الاضطرار إلى التورية ، فإن المضطر على طلاق امرأته أو بيع ماله غالبا لا يوري في طلاقه وبيعه ، بل إذا طلق كان مع قصد المعنى.
وبذلك يجمع أيضا بين ما دلت عليه الاخبار وقام عليه الإجماع من عدم صحة طلاق المكره مثلا مع عدم قبول حقيقة الطلاق الذي هو الإنشاء القلبي المقرون بالكاشف للإكراه ، لإمكان إرادة معنى آخر من لفظة « طالق » غير إنشاء الطلاق كذاهب مثلا.
وجه الجمع : ان الإكراه على حقيقة الطلاق كثيرا ما أمر يقع في الخارج مثل صورة غفلة المكره عن التورية فحينئذ يقع غير مؤثر.
وبذلك يندفع ما أورده المحقق الثاني في محكي وديعة جامع المقاصد على العلامة حيث قال بجواز حلف الودعي كاذبا تخلصا من الظالم بأن الكذب مع إمكان التورية لا ضرورة إليه.