تخلصه عن الخصومة ، أو لأن معنى إلزام القاضي على تقدير شموله لمثل المقام ، لا يمنع التورية ، لان التورية تمحل شرعي للفرار عن الإلزام لا مخالفة للإلزام الصادر.
وبعبارة أخرى : مقتضى أدلة القضاء أن القاضي إذا ألزم بشيء لزم ، وهذا انما يتم فيما إذا لم يكن الملزم به قابلا للتورية ، والا فبالتورية يخرج عن كونه ملزما به. وكلا الوجهين منفيان :
( أما الأول ) فلأن الحاكم وظيفته في جميع المرافعات بيان وظيفة المتخاصمين والإلزام بمقتضاها حتى المرافعات الموضوعية ، ومعنى نفوذ إلزام الحاكم أنه إذا ألزم بمقتضى بعض الوظائف لزم العمل به ، فإذا ألزم المحكوم عليه هنا بالحلف على عدم اللزوم الواقعي لم يجز له مخالفته بالتورية.
( وأما الثاني ) فلأن التورية أيضا فيما الزم الحاكم به مخالفة لإلزام الحاكم ، لان الحاكم يلزمه على نفي اللزوم الواقعي ، فمتى لم يحلف عليه ولو بالتورية فقد خالف الإلزام كما لا يخفى.
ودعوى أن التورية هنا كالتورية فيما إذا كان الحالف مظلوما. مدفوعة بأن المحلف هنا ليس بظالم في اعتقاده. نعم إذا كان مذهب القاضي مخالفا لمذهب المتخاصمين أمكن صدق الظلم حينئذ ، ويتفرع عليه جواز التورية.
ومما ذكرنا ظهر وجه القول بعدم جواز التورية مطلقا في المقلد والمجتهد كما عن ظاهر الدروس ، كما ظهر أيضا وجه القول بجواز التورية مطلقا كما عن المبسوط.
وأما وجه التفصيل بين المقلد والمجتهد الذي استقر به في القواعد ومال إليه في محكي الإيضاح فهو : ان المجتهد إذا رأى فساد دليل القاضي على ثبوت الشفعة مثلا وأن ما أدى اليه ظنه من نفي الشفعة هو الحق ، فإطلاق ما دل على