العبارة نوع قصور أو مسامحة في إفادة المراد ، ولعل المراد أن التركة مال حكمي للميت لا أنها في حكم ماله الحقيقي.
والأصل في المسألة عدم الانتقال إلى الورثة وعدم جريان حكم مال الميت عليها أيضا ، فكل منهما مخالف له.
وما يتوهم أن بقاءها في حكم مال الميت قضية الاستصحاب أو استصحاب عدم الانتقال أو استصحاب بقاء العلقة والربط الموجودين بين الميت وبين التركة. فليس بشيء ، لأن العلقة كانت قائمة بالحي وهو الإنسان ، ولا حياة حتى يتصور بقاء العلقة القائمة بها ، فإن الباقي أمران : الجسم العنصري الذي صار جمادا ، والروح المجرد. وشيء منهما لا يصلح أن يكون مالكا : أما الجسم فلانه جماد والجمادات لا يعقل تملكها ، وأما الروح فلا أن صلاحيته لإضافة طرف الملكية أمر غير معلوم أو معلوم العدم ، لوضوح كون المالكية من خصائص الإنسان المركب من الروح والجسم ، فلا تثبت لمجرد الروح.
وأما استصحاب بقاء الاحكام والاثار الموجودة في حال الحياة. ففيه أنه لم يكن في حال الحياة أثر متعلق بأعيان التركة حتى يستصحب ، بل مقتضى الأصل عدم تعلق حق الديان بأعيانها ، ضرورة كونها في حال الحياة متعلقة بذمة مالكها لا بأعيانها.
فظهر أن القولين متساويان في الحاجة الى الدليل ، والدليل على القول الأول ـ وهو الانتقال ـ أمران عقلي ونقلي ، أما النقلي فاطلاقات آيات الإرث وأخبارها ، فان نحو قوله تعالى « لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ » (١) مطلق غير مقيد بما إذا لم يكن هناك دين ، غاية الأمر انه ثبت من الأدلة أن الديان حقهم متعلق بالتركة كتعلق
__________________
(١) سورة النساء آية : ٨.