أوضح دلالة من سابقة ، لان نفي السبيل آكد في تغليظ مراتب الحجر بعد صرفه عن ظاهره الذي هو عدم الملكية ، جمعا بينه وبين ما دل على أصل الانتقال على رأي المتأخرين.
وما ورد في الإنفاق على عيال الميت من أنه إذا كان عليه دين محيط بجميع المال فلا ينفق عليهم والا ينفق من أوسط المال.
وغيرها مما يدل على حجر الوارث بعد التنزل عن دلالتها على عدم الانتقال.
وانما قيدنا التصرف المنهي بكونه مفوتا لجهة المالية إذ لا مانع من التصرف الغير المتلف لها ، مثل معاوضة عين من أعيان التركة بعين آخر يساويه في القيمة والمالية ، فإن مثل هذا التصرف لا يمنع منه ، لان حق الديان انما تعلق بمالية التركة لا بأعيانها من حيث ذواتها.
وهذا مثل حق الورثة بالنسبة إلى الزائد عن الثلث على القول بكون المنجزات منه لا من الأصل ، فإن التنجيز المفوت للمالية ممنوع لا مطلقا ، فلو باع جميع التركة بثمن المثل مثلا نفذ البيع من غير اجازة الورثة. وكذا الوصية بما يزيد عن الثلث ، فلو أوصى بجميع التركة في مقابل ما يساويها في القيمة نفذت الوصية ظاهرا.
وبالجملة حق الديان ليس متعلقا بذوات أعيان التركة من حيث هي بل من حيث المالية ، فمتى كانت المالية محفوظة نفذ تصرف الوارث ، مثل المثال المشار اليه. ولا ينفع ضمان الوراث للدين من عنده ، فإن مصلحة الغرماء عدمه ، فكل تصرف لم يكن فيه مصلحة الغرماء من حيث وصول الدين لم ينفذ من الورثة.
وربما قيل بجوازه مع قدرة الغرماء على الفسخ ، جمعا بين الأدلة المانعة وبين « الناس مسلطون على أموالهم ».