الورثة ، فلان مقدار الدين أمر كلي مساو في جميع أعيان التركة ، فكل ما يتصرف فيه الوارث من أعيان التركة فقد تعلق به حق الميت تعلق الكلي بالفرد لا تعلق الجزء بالكل ، كتعلق حق الشريك بالمشترك فإنه على نحو الإشاعة ، بخلاف تعلق الكلي بالعين فإنه ليس على هذا النحو ، ولذا لا يدخل عليه النقص إذا تلف شيء من أعيان التركة كما لا يدخل النقص على مال المشتري صاعا من صبرة إذا تلف شيء منها.
فان قلت : تعلق الكلي بالعين لا يمنع عن التصرف فيها مطلقا ، بل إذا انحصرت في مقدار ذلك الحق الكلي ، لأنه إذا كان في غير المتصرف فيه سعة للكلي كان الكلي محفوظا عن التصرف ، ولذا يجوز للبائع في المثال المشار اليه التصرف في الصبرة ما لم ينته الى الصاع فاذا انتهت اليه تعيين كونه للمشتري ، إذ لا مصداق للصاع الكلي من الصبرة حينئذ سواء ، فان تصرف فيه البائع فيرجع الى خيار التسليم أو تلف فيرجع الى مسألة تلف المبيع قبل القبض. وبالجملة إذا كانت عين أو أعيان تعلق بها حق كلي فمقتضى القاعدة جواز التصرف فيها ما دام في تلك الأعيان سعة لذلك الحق ، لأن التصرف حينئذ ليس فيه بل في غيره ، فلا وجه لعدم الجواز ، فاذا انحصر مصداق ذلك الحق في فرد تعين كونه ذلك الحق الكلي ، فلا يجوز التصرف لكونه تصرفا في حق الغير.
قلنا : فرق بين الكلي المتعلق بالصبرة وأشباهه وبين الكلي المتعلق بالتركة أعني الدين ، لان هذا الكلي ـ أعني الدين ـ وجوده مانع عن استقرار ملك الوارث للفاضل وان لم يكن مانعا عن أصل ملكه له ، وذلك لما عرفت في تفسير الاية أن المراد بما بعد الدين أن التركة لا تنتقل الى الوارث الا حال كونها مع عدم الدين ، فحال وجود الدين ولو كان غير مستوعب لا يصدق على شيء من أعيان التركة عنوان ما ترك حال عدم الدين وان أمكن أن يتصف بهذا العنوان