ترك الخصومة الى أن يظهر الحال ، وعلى المؤمنين كفاية يجب منعهما عن الدعوى ، كمنع المدعي في صورة عدم التداعي.
كما ظهر أيضا أنه لا يرد علينا لزوم تعطيل المال في بعض المسائل الخلافية ، لأنه إنما يقبح لو كان مستداما ، وأما مع تمكن الاستفتاء من المجتهد ولو في عرض سنة أو سنتين فلا ضير فيه.
وأما القول بأن متاركة الدعوى أو ترك المدعي للدعوى وعدم فصلها يستلزم العلم بالمخالفة القطعية ، نظرا الى حصول العلم عادة بأن الدعاوي إذا كثرت ـ ولو في المسائل الخلافية ـ حصل العلم بحقية بعضها ، فيلزم من منع الكل مخالفة علمية.
ففيه بعد ما مر من أن الترك ليس مستداما بل في برهة من الزمان : المنع الواضح لان فصل الدعاوي إذا كان الحق في طرف المدعى عليه عند المجتهد الذي يقضي بينهما يتضمن هذا المحذور أيضا ، فإن كان في منع المدعي عن الدعوى في الدعاوي الكثيرة قبحا لاستلزامه المخالفة العلمية ـ كان قضاء مثل هذا الحاكم أيضا كذلك.
وبالجملة فرق وضاح بين الشبهات الموضوعية والحكمية ، فإنه لا علاج عقلا في الأول الا بمباشرة شخص من أهل البلد للخصومات ، لان تكليف المترافعين على شد الرحال الى المجتهد عسر منفي وأمرهما بترك الدعوى تضييع للحقوق وابقاءهما متعاركين ومتنازعين يستلزم الفساد والفتنة المستلزمين لاختلال النظام ، والرجوع الى حكام الجور ركون الى الجبت والطاغوت.
فيتعين أن يكون من المؤمنين من يقوم بموازين القضاء ، فان غرض الشارع متعلق بإقامتها جدا ، وتعيين المقيم كالنبي والوصي ومأذونهما غرض في غرض ، وحيث يتعذر أحد الغرضين لا يجوز إهمال الغرض الأخر. بخلاف الشبهة