لا إشكال في وجوب طاعة الإمام عليهالسلام في الأول ، لأن أمره حينئذ أمر الله تعالى ، بلا تحقيق أن تسمية ذلك الطاعة للإمام مسامحة ، لأن الأمر بالواجبات المجهولة لا جهة له الا الكشف عن أمر الله تعالى وبالواجبات المعلومة لا جهة له سوى الأمر بالمعروف المساوي فيه كل الناس.
وكذا لا إشكال في وجوب إطاعته في القسم الثاني الراجع الى السياسات المدنية ، لأن التدبير المدني في الرعية أمر مأمور به من قبل الله تعالى ، فهو راجع الى القسم الأول حقيقة.
وأما الثالث الذي هو مصداق اطاعة الامام عليهالسلام ليس الا ، فوجوبها أيضا ثابتة بالأدلة الأربعة ، قال الله تعالى « أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ » (١) دل على استقلال الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في الإطاعة ، وهو لا يكون إلا في الأوامر الراجع مصالحها اليه « ص ».
إذا تحقق ذلك فالأمر بالواجبات الكفائية إذا فرض كونه على وجه الحتم والإلزام لا بد أن يرجع الى أحد القسمين الأخيرين ، فاما أن يكون تعيين الملزم عليه له خصوصية راجعة إلى السياسات أو إلى الامام عليهالسلام. وعلى التقديرين اتجه ما في الخلاف ولا يظهر وجه لما ذكره المحقق.
ولعل مراد المحقق أن الأمر بالواجبات الكفائية من حيث أنه واجب كفائي لا يجب إجابته ، لأن هذه الحيثية غير ملزمة ، والأمر بها لا يزيد عن هذه الحيثية ، فلو وجدنا إلزامه « ع » لواجب كفائي حملناه على الإلزام من الحيثية المشار إليها ، فلا يجب الإجابة لا أنه إذا علمنا الإلزام زائدا على ما يقتضيه الكفائية لم يجب الإجابة أيضا ، وهو واضح. والله أعلم.
__________________
(١) سورة النساء : ٥٩.