وأما الشرط الثاني ـ فلان الوجوب الكفائي قد لا يكون تعبديا ينافيه أخذ الأجرة كما هو الأكثر ، فيبقى اناطة الصحة والفساد على مراعاة الشرط الثالث ، والى ذلك ينظر كلام المحقق وغيره من المعتبرين من تعليل المنع بأنه ـ أي الأجير ـ يؤدي فرضا.
وتوضيحه : ان المانع يدعي أن العمل المستأجر عليه لا بد أن لا يكون مستحقا على الأجير بمقتضى الشرط الثالث ، لأنه إذا كان كذلك امتنع على الأجير تمليكه الغير ثانيا لأنه كتمليك مال الغير ، ومن الواضح أن فعل الواجب الكفائي مستحق على الأجير لله تعالى ، فيكون حقا لغير المستأجر.
ودعوى : ان متعلق حق الله انما هو كلي الفعل كالدفن الكلي مثلا ، والكلي لا يتعين في الخارج الا بتعين من هو في ذمته ، وتعينه انما يكون بالقصد كسائر الأعمال والأقوال المشتركة ـ بأن يوجد الفعل بقصد أنه واجب عليه كفاية ـ فلو فعل لا بهذا القصد بل بقصد أنه واجب على المستأجر أيضا أو مجردا عن القصد رأسا ، كان ذلك غير العمل المستحق عليه وكان تمليك مثل هذا العمل تمليكا لأمر غير مملوك.
مدفوعة : بأن القصد انما يحتاج إليه في التميز إذا كان العمل معنونا بعنوانين وكان متعلق الطلب أحدهما ، كاشتراك « بسم الله » بين الفاتحة وغيرها مثلا. وأما إذا كان متعلق التكليف هو كلي العمل والفعل وكان من التوصليات التي لا يفتقر في حصولها في الخارج الى قصد ، فما يوجد من العمل في الخارج ينطبق على ذلك الكلي الذي تعلق به التكليف ويكون عينه ، وبذلك يسقط التكليف.
ولذا ذكرنا في الأصول أنه إذا أمر بطبيعة تارة على وجه الوجوب وأخرى على وجه الندب اتصف الفرد الموجود منها في الخارج أولا بالوجوب ليس إلا وامتنع عروض الندب له ولو نوى ذلك ، غاية الأمر انه إذا كان عباديا يقع لاغيا