النبيّ إلى القرّاء ، فلا يرد أنّ المتواتر لا يشتبه.
ومنها : قضاء العادة بكونها متواترة لتوفّر الدواعي إلى نقلها.
ويزيّفه : أنّ قضاء العادة بتواتر الجميع قضيّة شرطيّة ، فإنّها إنّما تقضي على تقدير صدور الجميع عن النبيّ ، والكلام إنّما هو في صدق الشرط فمع قيام احتمال كون الصادر منه واحدة منها أو القدر المشترك بينها ، فالعادة لا تقضي بتواتر ما سواه.
ومنها : أنّ القراءة كيفيّة عارضة للفظ ، فيكون من قبيل الهيئة والهيئة جزء من اللفظ المركّب منها ومن المادّة ، وعدم تواترها يقضي بعدم تواتر الكلّ ، فيلزم عدم تواتر القرآن وهو خلاف الفرض.
ويزيّفه : أنّ الهيئة في ضمن قراءة مّا من القراءات ولا يلزم من عدم تواتر جميع السبع عدم تواتر البعض ، فلا يلزم خروج القرآن عن كونه متواترا كما هو واضح.
ومنها : الإجماعات المنقولة عن جماعة ـ كما تقدّم ـ المعتضدة بالشهرة المحقّقة والمحكيّة ونفي الخلاف.
ويزيّفه : ـ مع بعد تحقّق الإجماع الكاشف في محلّ البحث ـ أنّ هذه الإجماعات موهونة لا تفيدنا قطعا ولا ظنّا بالتواتر.
أمّا أوّلا : فلأنّه يوهنها مخالفة جمع من أساطين الطائفة كالشيخ في التبيان ، والطبرسي في مجمع البيان ، والسيّد الأجلّ عليّ بن طاووس في مواضع من كتاب سعد السعود ، والسيّد الجزائري في رسالة منبع الحياة ، والشهيد الثاني في شرح الألفيّة ، والفاضل المحدّث الكاشاني في مقدّمات تفسيره والعلاّمة البهبهاني في حاشية المدارك ، وبعض الأعلام وغيره ، لكون عبائرهم بين ظاهرة وصريحة في إنكار التواتر حتّى في السبع.
ففي المحكي عن التبيان « أنّ المعروف من مذهب الإماميّة والتطلّع في أخبارهم ورواياتهم أنّ القرآن نزل بحرف واحد على نبيّ واحد ، غير أنّهم أجمعوا على جواز القراءة بما يتداوله القرّاء ، وأنّ الإنسان مخيّر بأيّ قراءة شاء قرأ ، وكرهوا تجريد قراءة بعينها. » (١)
وفي مجمع البيان : « الظاهر من مذهب الإمامية أنّهم أجمعوا على القراءة المتداولة وكرهوا تجريد قراءة مفردة ، والشائع في أخبارهم أنّ القرآن نزل بحرف واحد. » (٢)
وعن السيّد الجزائري ـ أنّه بعد ما اختار عدم التواتر ـ قال : « فقد وافقنا عليه السيّد
__________________
(١) التبيان : ١ : ٧.
(٢) مجمع البيان : ١ : ١٢.