يترتّب على متعلّقه وهو المظنون آثار الواقع ، بل يحتاج إلى جعل الشارع ، ولأجل كون طريقيّته مجعولة يقبل من التخصيص من حيث الظانّ والمظنون وأسباب الظنّ وأزمانه [ و ] كلّ ما شاءه الجاعل وأراد ، فيجوز أن يخصّص من حيث المظنون بالحكم الشرعي دون موضوعه ، وهذا هو معنى عدم حجّية الظنّ في الموضوعات.
وفي الحكم الشرعي بالحكم الفرعي دون الاصولي الاعتقادي ، وهذا هو معنى عدم حجّيّة الظنّ في اصول الدّين.
ومن حيث الظانّ بالمجتهد دون المقلّد ، وهذا هو معنى عدم حجّيّة ظنّ المقلّد في الأحكام ، ومن حيث أسباب الظنّ بالظنّ الحاصل من الأدلّة المعهودة المتعارفة بين المجتهدين ، دون ما يحصل منه من الأسباب الغير المتعارفة.
وهذا هو معنى عدم حجّية الظنّ الحاصل من الرمل والجفر والنوم ، ومن حيث أزمانه بظنّ أزمنة انسداد باب العلم دون ما يحصل منه حال الانفتاح.
نعم الظنّ الطريقي مثل القطع الطريقي ، حيث يعتبر [ فيه ](١) قيام الأمارات الاخر المعتبرة الغير المنوط اعتبارها بالظنّ الفعلي ـ كالأصل والبيّنة واليد وسوق المسلمين وما أشبه ذلك ـ مقامه ، وإن كان أكثر هذه الامور لا يجري إلاّ في الموضوعات الخارجيّة ، فقيامها مقامه مقصور على الظنّ في الموضوعات إن كان حجّة فيها.
وبالتأمّل في كلماتنا يظهر أنّ الظنّ الطريقي والظنّ الموضوعي كلاهما مجعولان ، على معنى أنّه كما أنّ طريقيّة الظنّ الطريقي تثبت بجعل الشارع كذلك موضوعيّة الظنّ تثبت بجعله ، ومعنى طريقيّة المجعولة في الأوّل أنّه يجب شرعا على الظانّ أن ترتّب على مظنونه آثار الواقع ، على أنّه الواقع لا على أنّه مظنونه.
ومعنى موضوعيّة الثاني أنّه يجب عليه أن يرتّب على مظنونه من حيث إنّه مظنونه ـ أي لأجل صفة الظنّ المأخوذة معه ـ الأحكام المجعولة له من الحيثيّة المذكورة ، فلو فرض أنّ الشارع جعل لمظنون الخمريّة ، أو لمظنون الحرمة ، من حيث إنّه مظنون حكما خاصّا ـ كحرمة التكسّب به مثلا ـ يجب ترتيبه عليه ، بأن يقال : « هذا مظنون الخمريّة ، وكلّ مظنون الخمريّة يحرم التكسّب به » أو « هذا مظنون الحرمة وكلّ مظنون الحرمة يحرم التكسّب به » فإنّ حرمة التكسّب حكم جعله الشارع للمظنون بوصف كونه مظنونا ، أي
__________________
(١) في الأصل « في » بدل « فيه » والصواب ما أثبتناه.