بمقتضاه في شخص الاستعمال أو لا ، وسواء حصل الظنّ الفعلي الغير المعتبر بخلافه اولا ، خلافا لمن زعم كون الظاهر حجّة إن حصل الظنّ الفعلي بمقتضاه ، ولمن زعم كونه حجّة ما لم يظنّ ظنّا غير معتبر بخلافه ، استنادا إلى عدم الدليل على الحجّيّة إذا لم تفد الظنّ ، أو إذا حصل الظنّ الغير المعتبر على خلافها.
لنا : طريقة العرف وسيرة العقلاء من أهل اللسان في جميع الألسنة واللغات على الأخذ بظواهر الألفاظ من غير مراعاة للظنّ الفعلي ، ولا اعتناء بالظنّ الغير المعتبر إذا حصل بخلافها ، كما يكشف عن ذلك ما أمر السيّد عبده بضيافة العلماء ، بقوله : « أضف العلماء » ثمّ عثر أنّ واحدا منهم لم يحضر مجلس الضيافة ، فسأله عن ذلك ، فأجاب « بأنّي لم أعده » معتذرا بأنّه انقدح في نفسي التردّد في أنّك أردته من العامّ أم لا ، أو رأيتك في الطيف (١) تقول لي أنّ فلانا غير داخل في مرادي ، فحصل لي التردّد في دخوله في العموم ، أو الظنّ بعدم دخوله ، لم يكن عذره مقبولا ، بل كان مذموما عند العقلاء ، ويصحّ للسيّد عقابه بأنّي ما نبّهتك على عدم إرادته ، ولا نصبت القرينة عليه ، فقد خالفتني وخالفت ظاهر خطابي.
وبالجملة : المرجع في العمل بالظواهر وكيفيّته هو بناء العرف ، وطريقة أهل اللسان بالإجماع والنصّ ، كما قال عزّ من قائل : ( وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسانِ قَوْمِهِ )(٢) ونحن متى ما راجعنا أهل العرف نرى أنّ بناءهم مستقرّ في العمل بالظواهر على عدم مراعاة الظنّ الفعلي في شخص الاستعمال ، إذا كان اللفظ بحيث لو خلّي وطبعه لأفاد الظنّ به ، وعلى عدم الاعتناء بالشكّ ولا الظنّ الغير المعتبر ، فأصالة الحقيقة وما يحرزها من الاصول العدميّة ، كأصالة عدم القرينة وأصالة عدم التخصيص وأصالة عدم التقييد وأصالة عدم الحذف والإضمار وأصالة عدم النسخ كلّها معتبرة عندهم من حيث هي ، من غير أن يعتبر في التعويل عليها حصول الظنّ الشخصي بمقتضاها ، ولا أن يقدح في العمل عليها الظنّ الغير المعتبر على خلافها.
نعم إنّما يغلب في المحاورات ونوع الاستعمالات حصول العلم أو الظنّ الفعلي بالمراد الّذي هو مقتضى الظاهر نوعا ، فيدخل في الوهم كون العمل على الظواهر منوطا بحصوله وليس كما توّهم ، ولذا يؤخذ بمقتضى الظاهر في غير مورد الظنّ أيضا وإن كان نادرا ، بل
__________________
(١) طيف الخيال : مجيئه فى النوم [ مجمع البحرين ـ مادّه « طيف » ].
(٢) سورة ابراهيم : ٤.