حجّيّتها بالخصوص بدليل علمي خاصّ مخرج لها من أصالة الحرمة أم لا؟
وهذه المسألة بهذا العنوان الكلّي ليست مذكورة في أكثر الكتب الاصوليّة ، بل المذكور في جملة منها بعض أفراد هذا العنوان الكلّي ، وهو الظنّ باللغة الحاصل من نصّ أهل اللغة ، ويعبّر عنه : « بأنّ قول أهل اللغة حجّة أم لا »؟ ونحن أيضا نقتصر على هذا العنوان الخاصّ ، ويعلم ما عداه بالمقايسة.
فنقول : إنّ لهم خلاف في حجّيّة قول أهل اللغة ، ولهم فيها أقوال متشتّة ، أوردناها مشروحة مع تحقيق منّا مستوفى في الجزء الأوّل من الكتاب (١) بحيث أغنانا عن التطويل والإطناب هنا ، ونزيد ها هنا أيضا تبعا لممشى شيخنا قدسسره.
ونقول : إنّ أهل القول بحجّيّة قول أهل اللغة ، إمّا أن يريدوا به جواز العمل به من باب الظنّ الخاصّ ، أو جواز العمل به لانسداد باب العلم في اللغات ، أو جواز العمل به للاضطرار إلى العمل به من جهة الاضطرار إلى العمل بمطلق الظنّ في الأحكام لدليل الانسداد فيها ، احتمالات منشؤها اضطراب كلماتهم واختلاف أدلّتهم المقامة على الحجّيّة.
فإن أرادوا الأوّل : فالحقّ هو عدم الحجّيّة على الوجه المذكور ، لعدم قيام دليل علمي عليه ، فإنّ قصارى ما استدلّوا على الحجّيّة على الوجه المذكور إنّما هو اتّفاق العلماء بل جميع العقلاء على الرجوع إلى اللغويين في استعلام اللغات ، والاستشهاد بأقوالهم في احتجاجاتهم ، من غير أن ينكر ذلك أحد على أحد.
وحكي عن السيّد (٢) في بعض كلماته دعوى الإجماع على ذلك ، قال شيخنا قدسسره : « بل ظاهر كلامه المحكي دعوى اتّفاق المسلمين عليه » (٣).
وحكي (٤) عن الفاضل السبزواري دعوى اتّفاق العقلاء عليه قائلا ـ فيما حكي ـ : « صحّة المراجعة إلى أصحاب الصناعات المبادرين في صنعتهم البارعين في فنّهم فيما اختصّ بصناعتهم ، ممّا اتّفق عليه العقلاء في كلّ عصر وزمان » (٥) انتهى.
__________________
(١) تعليقة على معالم الاصول ٢ : ٥١ ـ ١٦.
(٢) لم نعثر عليه في كلمات السيّد المرتضى ولا على الحاكي ، نعم حكاه السيّد المجاهد عن السيّد الاستاذ انظر مفاتيح الاصول : ٦١.
(٣) فرائد الاصول ١ : ١٧٤.
(٤) حكاه عنه السيد المجاهد في مفاتيح الاصول : ٦٢.
(٥) رسالة في الغناء ( مخطوط ) للفاضل السبزواري.