قلنا بعدم انحصار طريقة الشيخ في تحصيل الإجماع وإدراك قول الإمام معه في هذه الطريقة كما جزم به بعض الأعلام (١) ، أو قلنا بانحصار طريقته فيها كما جزم به شيخنا قدسسره (٢) ويشهد له جملة من عباراته المحكيّة عن العدّة وغيرها.
ومن ذلك ما نقل عنه في ردّ مقالة السيّد في تزييف الإجماع بطريقة اللطف ، بدعوى أنّه فيما لو اتّفق الإماميّة على الباطل لا يجب على الإمام ردعهم ولا الظهور وإظهار الحقّ لهم ، تعليلا : « بأنّا إذا كنّا نحن السبب في استتاره ، فكلّ ما يفوتنا من الانتفاع به وبما معه من الأحكام يكون قد فاتنا من قبل أنفسنا ، ولو أزلنا سبب الاستتار لظهر وانتفعنا به وأدّى إلينا الحقّ الّذي كان عنده » (٣).
قال الشيخ : « وهذا عندي غير صحيح ، لأنّه يؤدّي إلى أنّ لا يصحّ الاحتجاج بإجماع الطائفة أصلا ، لأنّا لا نعلم دخول الإمام عليهالسلام فيها إلاّ بالاعتبار الّذي بيّناه ، ومتى جوّزنا انفراده بالقول وأنّه لا يجب ظهوره منع ذلك من الاحتجاج بالإجماع » (٤) انتهى.
وهذا ظاهر كالصريح في انحصار الطريقة في الإجماع بطريق اللطف ، أو النقل ، كالأخبار المتقدّمة المطابقة لدليل اللطف في المؤدّى.
أو العادة ، على معنى أنّ العادة تحكم فيما لو اتّفقت الطائفة على شيء بأنّه قول إمامهم المعصوم ، ونظيره ما لو دخل أحد على أهل بلد مثلا هم مقلّدة مجتهد بينهم ، ووجدهم متّفقين على العمل بفتوى فإنّه يعلم بحكم العادة أنّه فتوى مجتهدهم الموجود بينهم ، فيكون الاتّفاق حينئذ ملزوما عاديا لقول الإمام ، ومن علامته كونه كاشفا عنه لكلّ أحد ، من دون اختصاص كاشفيّته ببعض دون بعض ، أو ضرورة دين أو مذهب أو حكم عقل مستقلّ.
أو جملة من المقدّمات النظريّة والاجتهادات الظنّيّة والأمارات الغير العلميّة ، على معنى إدراك قول الإمام بملاحظة الاتّفاق مع انضمام هذه الامور ، كما رأى أنّ جماعة نقلوا الإجماع وآخرين نفوا الخلاف ، وأنّ الطرف المقابل ورد على طبقه نصوص معتبرة وأخبار صحيحة لم يلتفتوا إليها ، وأنّ الحكم المجمع عليه لم يوجد على طبقه رواية ولو ضعيفة ، وأنّه مطابق لمسألة اصوليّة كعدم جواز اجتماع الأمر والنهي واقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن الضدّ ، أو موافقة أصل من الاصول العامّة المعوّل عليها كأصالة عدم المعارض بعد الفحص أيضا فيما حصل الإجماع على بعض أفراد عامّ أو مطلق وما أشبه ذلك.
__________________
(١) قوانين الاصول ١ : ٣٥٠. (٢) فرائد الاصول ١ : ١٩٣.
(٣) فرائد الاصول ١ : ١٩٤. (٤) العدّة ٢ : ٦٣١.