حتّى أنّ الخبر المتواتر ـ الّذي عرّفوه بأنّه يفيد بنفسه العلم بصدقه ـ لا يفيد العلم بالصدق إذا كان أخبار المخبرين كلّهم أو جلّهم عن ظنّ بالمخبر به ، وإن بلغوا في الكثرة إلى ما بلغوا ، والكثرة الّتي اعتبروها فيه لإفادة العلم بالصدق إنّما اعتبرت لرفع احتمال الكذب القائم في نظر السامع خاصّة ، لا لإفادة العلم له مع قيام احتمال الكذب في نظر المخبرين بل هو إنّما يفيده بواسطة الكثرة بشرط كون خبرهم عن علم بصدق المخبر به.
فدعوى الكشف عن رأي المعصوم من جهة الحدث في اتّفاق الجماعة ممّا يشهد الذوق الصريح والاعتبار الصحيح بكذبه.
وغاية ما يمكن تسليمه الكشف عن وجود دليل معتبر على الحكم لو عثرنا عليه لعلمنا به ، وهذا انكشاف للحكم الظاهري لعدم معلوميّة حال ذلك الدليل من حيث المطابقة وعدمها.
وقضيّة ذلك أن لا يكون الإجماعات المنقولة في كلام أصحابنا المتأخّرين المحصّلة بطريق الحدس أيضا نقلا للسنّة ولا نقلا لملزوم السنّة.
أمّا الأوّل : فلأنّه نقل لاتّفاق الجماعة.
وأمّا الثاني : فلانتفاء الملازمة بينه وبين قول المعصوم إذ لا موجب لها ، بل لوجود المانع عنها وهو كون الاتّفاق في غالب موارده عن مستند غير علمي.
وملخّص القول : في القدح في حجّيّة الإجماع المنقول في كلام أصحابنا الناقلين للإجماعات بلفظ الإجماع المطلق من باب حجّيّة الخبر المصطلح ، إمّا بإرادة نقل قول المعصوم في ضمن الاتّفاق ، أو نقل ملزوم قول المعصوم.
هو : أنّ مستند الناقل في إدراك قول الإمام إمّا أن يكون هو الحسّ ، كما لو فرض أنّ سائلا ورد على جماعة منهم الإمام وهو لا يعرفه بشخصه ، وسألهم عن حكم مسألة فأجابوه كلمة واحدة بحكم ، فإنّه حينئذ أدرك قول الإمام بالحسّ والسماع منه وإن لم يعرفه بشخصه ، فإذا نقل إجماع الجماعة كان كالرواية المصطلحة نقلا للسنّة ، من غير فرق بينهما إلاّ في التفصيل والإجمال.
حيث إنّ القول المحكي في الرواية سنّة تفصيليّة ، لأنّ الراوي له سمعه من إمام عرفه بشخصه ، والمنقول في ضمن الإجماع سنّة إجماليّة ، حيث إنّ ناقله سمعه في ضمن أقوال الآخرين من إمام لم يعرفه بشخصه.
أو العقل كدليل اللطف ، سواء كان ناقله على هذه الطريقة هو الشيخ أو غيره ، وسواء