فلا يعتمدان على نقل الواحد ـ غير قادحة ، لكونها ناشئة عن اشتباه موضوعي ، وهو توهّم كون الإخبار بالعدالة من باب الشهادة لا الرواية ، وكذلك لا يتأمّلون في قبول العدل الواحد في تحرير أسئلة الروايات ، وحكاية الوقائع المأخوذة في السؤالات الّتي سئل عنها الإمام وصدر على طبقها الجواب.
وكذلك في ضبط أسانيد الروايات وذكر الوسائط وغير ذلك ، فإنّها من الموضوعات الخارجيّة الّتي هي من مقدّمات استنباط الحكم الشرعي وشروط طريقه ، وأنت خبير بما فيه.
أمّا أوّلا : فلكثرة الموهنات القادحة في التعويل على نقل السبب نفسه ، وقد تقدّم الإشارة إلى جملة منها ، فيقوى بها احتمال الخطأ في النقل وكونه لمجرّد وهم ، ومفاد أدلّة حجّيّة خبر العدل هو عدم الالتفات من جهة عدالته إلى احتمال الكذب في خبره ، لا عدم الالتفات إلى احتمال الخطأ والوهم في نقله ، بل كثيرا مّا توجب خروجها عن ظهورها في نقل السبب في خصوص شخص المسألة الفرعيّة ، كما هو المقصود بالأصالة ، لقوّة احتمال نقله وهما من ظاهر الروايات المدوّنة في كتب الأصحاب بتخيّل أنّ ذلك ملزوم لأن يتّفق على العمل به الأصحاب ، أو من قاعدة مجمع عليها أو أصل مجمع عليه أو نحو ذلك ، ممّا يستلزم الإجماع فيه الإجماع في شخص المسألة ، كما لو فرضنا الإجماع على جواز اجتماع الأمر والنهي في المسألة الاصوليّة مثلا ، فإنّه لا يلازم الإجماع على صحّة الصلاة في المكان المغصوب كما هو واضح.
وأمّا ثانيا : فلأنّ ثبوت السبب والملزوم بخبر العدل القائم مقام العلم بهما ، إنّما يفيد في ترتيب المسبّب واللازم عليهما بعد الفراغ عن إثبات السببيّة للسبب والملازمة بين الملزوم وما يفرض لازما.
وقد منعناهما مشروحا في الإجماع المحصّل لجميع المذاهب في طريق الكشف ، فكيف بالإجماع المنقول.
وملخّص المنع : أنّ الملازمة بين اتّفاق العلماء وقول الحجّة ، لابدّ وأن تكون إمّا عقليّة أو شرعيّة أو عاديّة
أو اجتهاديّة ـ وهي الّتي تثبت بانضمام المقدّمات النظريّة والاجتهادات الظنّيّة إلى الاتّفاق ـ ولا سبيل إلى شيء منها.
أمّا الاولى : فلما عرفت من قصور دليلها وهو دليل اللطف.
وأمّا الثانية : فلأنّه لا دليل عليها إلاّ ما تقدّم من الأخبار ، وقد عرفت قصور دلالتها أيضا.