ثمّ إنّ لبعض أفاضل الاصوليّين كالشيخ أسد الله التستري في حجّيّة نقل الإجماع تفصيلا ، حكاه شيخنا قدسسره (١) عن كتابه المسمّى بكشف القناع (٢) ، ورسالته التي ألّفها في المواسعة والمضايقة ، وقد نقل كلامه بطوله ، ولا جدوى فيه بل العمدة بيان أصل التفصيل ، ثمّ التكلّم في صحّته وسقمه.
وملخّصه ـ على ما استفيد من كلامه ـ الفرق في الحجّيّة وعدمها بين نقل السبب الكاشف والمنكشف وهو قول الحجّة ، فالحجّيّة بالاعتبار الأوّل دون الاعتبار الثاني ، فإنّ الاتّفاق الّذي ينقله العدل سبب للكشف عن قول الحجّة وملزوم له ، أمّا عدم الحجّيّة بالنسبة إلى المنكشف ، فلأنّ أدلّة حجّيّة خبر العدل إنّما دلّت على حجّيّته في حسّيّاته ، وهي الامور المدركة بطريق الحسّ ، وقول المعصوم في محلّ الإجماع إنّما يدرك بطريق الحدس ، وأدلّة الحجّيّة لا تتناوله.
وأمّا الحجّيّة بالنسبة إلى السبب الكاشف ، فلأنّ الاتّفاق الّذي يخبر به العدل في محلّ نقل الإجماع عبارة عن الأقوال المجتمعة الّتي أدركها العدل إمّا بالسماع منهم أو بالمشاهدة في كتبهم ، فيكون من الامور الحسّية.
وإذا ثبت حجّيّة خبر العدل فيه ثبت السبب والملزوم بذلك الخبر ، فيترتّب عليه المسبّب واللازم ، فكان ثبوت السبب الكاشف بخبر العدل كما لو علمناه بطريق علمي كما في الإجماع المحصّل.
وبالجملة خبر العدل بالنسبة إلى السبب قائم مقام العلم به ، وبعبارة اخرى : إذا ثبت اعتبار خبر العدل بالنسبة إلى الملزوم كان كافيا في ترتّب اللازم عليه ، كما في صورة العلم بالملزوم ، وأمّا اعتبار خبر العدل بالنسبة إلى السبب والملزوم ، فلأنّ الأصل في كلّ خبر للعدل متعلّق بموضوع خارجي هو منشأ لحكم شرعي وطريق إلى استنباطه ، أو مقدّمة من مقدّمات الاستنباط وشرط من شروط طريقه. الحجّيّة وجواز العمل.
وعمدة الدليل عليه إجماع العلماء فتوى وعملا ، ولذا تراهم في المطالب الرجاليّة المتعلّقة بالآحاد يعتمدون على أخبار الآحاد من غير نكير وبلا خلاف.
بناء على أنّ مخالفة صاحبي المعالم (٣) والمدارك (٤) ـ حيث يعتبران التعدّد في التزكية ،
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ٢١٨ ـ ٢٢٤.
(٢) كشف القناع : ٤٠٠ ـ ٤٠٥.
(٣) معالم الدين : ٢٠٤.
(٤) مدارك :