الثلاث الباقية ، فعن الشهيد في الذكرى (١) والعلاّمة (٢) إثباته ، وعن المحقّق الأردبيلي في مجمع الفائدة (٣) وتلميذه في المدارك (٤) نفيه.
ويظهر فائدة تواترها في جواز قراءة القرآن في الصلاة بإحدى هذه الثلاث ، نظرا إلى قاعدتهم المعروفة من « أنّ القرآن متواتر فما نقل آحادا فليس بقرآن ».
وعن ثاني الشهيدين في روض الجنان (٥) والمحقّق الثاني في جامع المقاصد (٦) تجويزه ، استنادا إلى إخبار الشهيد والعلاّمة بكونها متواترة ، وعلّلاه بأنّ هذا لا يقصر عن ثبوت الإجماع بخبر الواحد ، فيجوز القراءة بها ، وفيه نظر بل منع واضح.
أمّا أوّلا : فلمنع الحكم في الأصل ، وهو حجّيّة الإجماع المنقول بخبر الواحد كما تقدّم الكلام فيه مشروحا.
وأمّا ثانيا : فلأنّ الأصل على تقدير تسليم حجّيّته ، فإنّما نسلّمها على تقدير كونه ملزوما واقعيّا لقول الحجّة عقلا أو شرعا أو عادة لا مطلقا ، بخلاف الفرع فإنّ الخبر المتواتر مناط حجّيّته ـ لمن تحقّق عنده تواتر ـ إنّما هو العلم بصدقه الحاصل من الخبر بنفسه ، فما لم يحصل العلم بصدقه منه بنفسه فهو داخل في خبر الواحد ، وإن تعدّد بل كثر مخبروه.
وعلى هذا فلا يجوز متابعة القراءات السبع في الصلاة إلاّ بتقدير ثبوت قرآنيّتها ، بتحقّق التواتر أو العلم بالتواتر فيها الحاصل من جهة النقل المفيد للعلم أو التسامع والتظافر.
ولا ريب أنّ إخبار الشهيد والعلاّمة بتواترها قاصر عن إفادة العلم به.
وقضيّة ذلك أن يكون إخبار كلّ واحد من مشايخها بما اختصّ به من القراءة ـ على تقدير عدم كونه من اجتهاده ـ من باب خبر الواحد ، لعدم تحقّق تواتره عندنا ، ولا العلم بتواتره الحاصل من جهة النقل وغيره.
وأمّا ثالثا : فلأنّ ثبوت حجّيّة الخبر بنقل التواتر فيه أو ثبوت التواتر فيه بخبر الواحد ممّا لم تحقّق معناه ، سواء اريد به كون الخبر المدّعى كونه متواترا بحيث يترتّب عليه آثار الصدق وعلى المخبر به أحكام الواقع ، أو كونه بحيث يترتّب عليه أحكام الخبر المتواتر لو
__________________
(١) الذكرى : ١٨٧.
(٢) لم نعثر عليه في كتب العلاّمة ، بل وجدنا خلافه ، انظر نهاية الإحكام : ١ : ٤٦٥ ـ والتذكرة ٣ : ١٤١.
(٣) مجمع الفائدة : ٢ : ٢١٧ ـ ٢١٨.
(٤) المدارك ٣ : ٣٣٨.
(٥) روض الجنان : ٢٦٢.
(٦) جامع المقاصد ٢ : ٢٤٦.