كان له أحكام خاصّة ، كالنذر فيما نذر حفظ عدّة أخبار متواترة فحفظ أخبار ادّعي تواترها ، والظهار فيمن علّق ظهار زوجته على إتيانها له بخبر متواتر فأخبرته بقراءة لأحد المشايخ الثلاث ، وذلك لأنّ التواتر صفة في الخبر تلحقه باعتبار إفادته بنفسه العلم بصدقه ، وقد حقّق في محلّه أنّه لا يكون كذلك إلاّ بواسطة كثرة المخبرين ليحكم العادة من جهتها بامتناع تواطئهم على الكذب ، وقد حقّق أيضا أنّ خصوصيّات المقامات المعبّر عنها بالقرائن الداخلة الراجعة إلى المخبر أو السامع أو المخبر به أو هيئة الخبر ـ حيث أثّرت في حصول العلم ـ لا تنافي مدخليّة الكثرة فيه.
ولا ريب أنّ هذه الكثرة الّتي لها مدخليّة في العلم بالصدق ، ليس لها عدد معيّن ولا حدّ منضبط حتّى يؤخذ به في مقام نقل التواتر ، بل يختلف على حسب اختلاف القرائن وخصوصيّات المقامات الراجعة إلى المخبرين أو السامعين ، وبذلك يختلف حال الأشخاص والأزمان والموارد في حصول العلم بصدق الخبر بملاحظة كثرة فيه وعدمه ، فربّ كثرة في المخبرين يفيد العلم لشخص ولا يفيده له مثلها في مخبرين آخرين ، وربّ كثرة توجب العلم لشخص ولا يفيد مثلها لشخص آخر ، وربّ كثرة توجبه في زمان ولا يوجبه مثلها في زمان آخر ، وربّ كثرة توجبه في مورد خاصّ من المخبر به ولا يوجبه مثلها في مورد آخر ، وعلى هذا فكلّ ما لم يحصل العلم بصدقه من هذه الفروض ونظائرها ـ ولو بملاحظة كثرة مخبريه ـ فهو لغير العالم بصدقه مندرج في خبر الواحد ، فكيف يترتّب عليه آثار الصدق ، وعلى المخبر به من جهة هذا الخبر أحكام الواقع من غير جهة أدلّة حجّيّة خبر الواحد؟
وكيف يمكن أن يرتّب عليه أحكام الخبر المتواتر من لم يتحقّق عنده كونه متواترا ، ولم يحصل له العلم أيضا بتواتره؟
نعم لو كان الخبر المدّعى تواتره ملزوما عاديّا للصدق في الواقع ، بحيث لم يتفاوت الأشخاص في إفادته العلم بصدقه ـ ولا يكون كذلك إلاّ إذا كانت خصوصيّات المقامات ملغاة عن التأثير باعتبار استقلال نفس الكثرة في التأثير ـ كان لما ذكر وجه ، ولكن لا يلزم من ذلك أن يكون كلّ ما ثبت كونه متواترا عند أحد متواترا عند غيره أيضا ، أو ملزوما واقعيّا للصدق بحكم العادة.
وبالجملة : نقل التواتر لا يفيد لنا كون الخبر المنقول تواتره حجّة باعتبار [ ه ] ، وإن جعلنا أصل النقل حجّة ، لأنّ أصل التواتر من جهة العدد كثرة وقلّة يتفاوت. ويختلف