مطلق أهل العلم ، بل خصوص أئمّتنا عليهمالسلام على ما ورد في الأخبار المستفيضة المفسّرة لأهل الذكر بالأئمّة عليهمالسلام ، وقد عقد الكليني في اصول الكافي بابا لإيراد هذه الأخبار ولا يقدح ضعف أسانيد جملة منها ، لأنّ فيها ما هو من الصحاح ، وما هو من الموثّقات وما هو من الحسان.
وثانيا : منع صدق أهل الذكر بمعنى أهل العلم على الرواة في مسموعاتهم ، وإن استتبع سماعهم حصول العلم لهم ، فإنّ أهل العلم لا يطلق إلاّ على العلماء من حيث إنّهم علماء ، لا من حيثيّات اخر ، والرجل في مسموعاته من الأقوال لا يقال عليه أنّه من أهل العلم ، وإن كان من غير هذه الجهة من أهل العلم.
وثالثا : أنّ الأمر بالسؤال معلّق على عدم العلم بالمسؤول عنه ، فيدلّ على أنّ الغاية المقصودة من السؤال هو العلم ، لا العمل بالقول وإن لم يحصل منه العلم تعبّدا ، ويؤيّده ورود الآية في سياق اصول الدين وعلامات النبيّ الّتي لا يطلب فيها العمل تعبّدا ، ولا يكفي فيها ما عدا العلم إجماعا ، نظرا إلى أنّها نزلت في كفّار قريش في استبعادهم اجتماع البشريّة والنبوّة ، بل استحالتهم الصفات البشريّة من الأكل والشرب والمشي في الأسواق في النبيّ ، كما يرشد إليه ما قبل الآية من قوله ( وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ )(١) وما بعدها من قوله : ( وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَما كانُوا خالِدِينَ )(٢).
ورابعا : أنّ الآية ظاهرة في وجوب سؤال العلماء ، وقبول جوابهم فيما علموه بالسماع عن المعصومين وغيره من الأحكام والأخذ به والعمل عليه ولو تعبّدا ، لا قبول قول الراوي في حكاية قول الإمام أو فعله أو تقريره الّتي هي الرواية المصطلحة لا غير ، فمفاد الآية حينئذ إنّما هو إيجاب الاستفتاء على ما هو وظيفة المقلّد ، ولذا استدلّ بها جماعة على وجوب التقليد في عمل العامي.
ومن الآيات المستدلّ بها : قوله تعالى ـ في سورة براءة ـ ( وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ )(٣) فإنّه تعالى مدح نبيّه بتصديقه للمؤمنين وقرنه بالتصديق بالله ، فيدلّ على كونه حسنا ، فإذا ثبت كونه حسنا كان واجبا
__________________
(١) الأنبياء : ٣.
(٢) الأنبياء : ٨.
(٣) سورة التوبة : ٦١.