قال شيخنا قدسسره : « إنّ الإنصاف أنّه لم يتّضح من كلام الشيخ دعوى الإجماع على أزيد من الخبر الموجب لسكون النفس ، ولو بمجرّد وثاقة الراوي وكونه سديدا في نقله لم يطعن عليه في روايته » (١).
ومنها : ما حكي عن السيّد الجليل رضيّ الدين بن طاووس حيث طعن على السيّد في جملة كلام له بقوله : « ولا يكاد ينقضي تعجّبي كيف اشتبه عليه أنّ الشيعة يعمل بأخبار الآحاد في الامور الشرعيّة ، ومن اطّلع على التواريخ وشاهد عمل ذوي الاعتبار ، وجد المسلمين والمرتضى وعلماء الشيعة الماضين عاملين بأخبار الآحاد بغير شبهة عند العارفين ، كما ذكر محمّد بن الحسن الطوسي في كتاب العدّة وغيره من المشغولين بتصفّح أخبار الشيعة وغيرهم من المصنّفين » انتهى (٢).
ويظهر منه أنّ غير الشيخ أيضا ادّعي إجماع الشيعة على العمل بأخبار الآحاد.
ومنها : ما حكي عن نهاية العلاّمة من قوله : « إنّ الأخباريّين منهم لم يعوّلوا في اصول الدين وفروعه إلاّ على أخبار الآحاد ، والاصوليّين منهم كأبي جعفر الطوسي عمل بها ولم ينكره ، سوى المرتضى وأتباعه لشبهة حصلت لهم » (٣) انتهى.
وظاهره أنّه لولا حصول الشبهة لهم لكانوا داخلين في الإجماع على العمل بأخبار الآحاد ، ويحتمل كون شبهتهم في الموضوع ، وهو إنكار كون الأخبار المعمول بها لديهم غير علميّة بزعم وجود القرائن وإفادتها العلم ، كما ادّعاه الأخباريّون.
أو دعوى : كون الأخبار الّتي عمل بها الشيعة ودوّنوها في كتبهم محفوفة بالقرائن ، كما يظهر ذلك في كلامه المحكي عن الموصليّات ، قائلا : « إن قيل : أليس شيوخ هذه الطائفة عوّلوا في كتبهم في الأحكام الشرعيّة على الأخبار الّتي رووها عن ثقاتهم ، وجعلوها العمدة والحجّة في الأحكام؟ وقد رووا من أئمّتهم فيما يجيء مختلفا من الأخبار عند عدم الترجيح أن يؤخذ منه ما هو أبعد من قول العامّة ، وهذا يناقض ما قدّمتموه.
قلنا : ليس ينبغي أن يرجع عن الامور المعلومة المشهورة المقطوع بها بما هو مشتبه وملتبس مجمل ، وقد علم كلّ موافق ومخالف أنّ الشيعة الإماميّة تبطل القياس في الشريعة حيث لا يؤدّى إلى العلم ، وكذلك تقول في أخبار الآحاد » (٤).
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ٣٣٢.
(٢) لم نعثر عليه.
(٣) نهاية الاصول ( مخطوط ) : ٢٩٦.
(٤) رسائل الشريف المرتضى ١ : ٢١٠.