عدم الإهمال وعموم النتيجة » إنتهى (١) ، كما صنعه الشيخ الاستاد قدسسره.
بل الوجه في دفعه أوّلا : أنّ صرف دليل الانسداد عن نفس الظنّ إلى أسبابه غير جيّد ، لأنّه خلاف ما علم ضرورة من كون موضوع حكم العقل هو صفة الظنّ لا سببه ، ولذا كان مناط حكم العقل بوجوب العمل به كونه امتثالا ظنّيّا مقدّما على الامتثال الاحتمالي.
وثانيا : عدم جدواه بشيء من التوجيهين في دفع الإشكال.
أمّا على التوجيه الأوّل : فلأنّه إن اريد من عدم كون القياس مفيدا للظنّ بطبعه ولذاته ، أنّه لا يفيده لأجل ملاحظة منع الشارع من العمل به ، أو من جهة الأخبار المانعة من العمل به ، ففيه : أنّ عدم حصول الظنّ منه لمانع لا ينافي كون ذاته مقتضية للظنّ.
وإن اريد أنّه لا يفيده مطلقا ولو مع قطع النظر عن منع الشارع والأخبار المانعة ، فهو خلاف الإنصاف ، بل نحن ندرك بالوجدان أنّ الذهن عند النظر في القياس يتسارع إليه الظنّ أكثر ممّا يتسارع إليه عند النظر في أكثر ما عداه من الأمارات ، فهو أيضا ممّا يفيد بطبعه ولذاته الظنّ بالحكم.
وأمّا على التوجيه الثاني : فلأنّ كون الأحكام المجعولة الإلهيّة مرادة من الأسباب الظنّيّة ، فتكون تلك الأسباب أدلّة دالّة على مراد الشارع ظنّا إمّا أن يحرز بدليل الانسداد أو بغيره ، ولا سبيل إلى الثاني لأنّه لو كان هناك ممّا عدا دليل الانسداد ما يدلّ على أنّ الشارع أراد أحكامه المجعولة من الأسباب المفيدة للظنّ ، لأغنى عن النظر في دليل الانسداد ، لكون أسباب الظنّ على هذا التقدير ظنونا خاصّة قائمة مقام العلم ، ومعه لا مجرى لدليل الانسداد.
وأمّا الأوّل فحكم العقل ـ بملاحظة بقاء الأحكام والتكاليف ، وفقد الطرق العلميّة وقبح تكليف ما لا يطاق ، وانحصار المناص في الأسباب الظنّيّة ـ بأنّ الشارع أرادها من تلك الأسباب ، وأنّه يجب العمل بها لأجل أنّها دالّة على مرادات الشارع منها يعمّ القياس أيضا ، لأنّه كغيره من الأسباب الظنّيّة ، وإنّما نعلم عدم كون الأحكام المجعولة لموارده مرادة منه بواسطة الأدلّة الناهية عن العمل به ، بحيث لولاها كان داخلا في عنوان الأسباب المفيدة للظنّ بالأحكام على أنّها مرادة منها ، الّذي هو موضوع حكم العقل على ما فرضه ، وهذا بعينه التخصيص في الدليل العقلي.
لا يقال : إنّ لكلامه قدسسره معنى ثالث وهو أن يكون موضوع حكم العقل الناشئ من
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٥٢٥.