مطلوب خبري » ، وقد يزاد قيد « الإمكان » ، فيقال : « ما يمكن التوصّل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري » ، بتخيّل أنّه لولاه لم يتناول التعريف الأدلّة المغفول عنها ، وفيه نظر.
وعند المنطقيّين : « بأنّه قولان فصاعدا يلزمهما لذاتهما قول ثالث » والمراد بالقول الثالث هو النتيجة المعبّر عنها في التعريف الأوّل بالمطلوب الخبري ، واعتبار القولين فصاعدا لأنّ الإنتاج الّذي هو الدلالة بمعنى الهداية والغلبة لا يتأتّى بل لا يمكن بأقلّ من مقدّمتين يطلب في إحداهما إثبات لازم لموضوع المطلوب وهو الأصغر ، وجعل ذلك اللازم في اخراهما ملزوما لمحموله الّذي هو الأكبر.
ولأجل ذا وجب اشتمال إحدى المقدّمتين على موضوع المطلوب وتسمّى « الصغرى » واخراهما على محموله وتسمّى « الكبرى » ، ولقد اشير إلى اعتبار التعدّد على الوجه المذكور في التعريف الأوّل بعبارة « النظر » ، نظرا إلى كونه عبارة عن ترتيب امور معلومة.
والأصل في اشتمال المقدّمتين على موضوع المطلوب ومحموله ، أنّ التوصّل بهما إلى المطلوب لا يتأتّى إلاّ بأن يكون بين موضوع المطلوب ومحموله أمر مشترك يكون لازما للأوّل وملزوما للثاني ، فتحرز الصغرى من ملاحظة كونه لازما للأوّل ، والكبرى من ملاحظة كونه ملزوما للثاني.
وقد جرت العادة بتسمية ذلك الأمر المشترك ـ لمجرّد كونه مشتركا بينهما على الوجه المذكور ـ بحدّ الوسط ، وقد يعبّر بالوسط ، أو الأوسط كالمتغيّر فيما بين العالم والحادث في دليل حدوث العالم ، فإنّه لازم للعالم وملزوم للحادث.
هذا إذا كان تأليف القياس بطريق الشكل الأوّل ، وإلاّ فقد يكون الأمر المشترك لازما لكلّ من الموضوع والمحمول كما في الشكل الثاني ، أو ملزوما لهما كما في الشكل الثالث ، أو ملزوما للأوّل ولازما للثاني كما في الشكل الرابع.
وبما بيّنّاه علم أنّ قضيّة الاعتبار المذكور في الأمر المشترك إذا كان تأليف القياس بطريق الشكل الأوّل أن يكون الأكبر لازما للأوسط والأوسط لازما للأصغر ، ولأجل ذلك يتأتّى الإنتاج ويحصل العلم بالنتيجة ، لضابطة أنّ لازم اللازم لازم ، وملزوم الملزوم ملزوم ، وكأنّه من ثمّ يقال : بأنّ الشكل الأوّل بديهي الإنتاج.
وكيف كان فالعمدة من أجزاء الدليل ، بل الجزء الأعظم منه إنّما هو الأمر المشترك المذكور المسمّى وسطا. ومن هنا شاع في لسانهم ـ ولا الاصوليّين ـ إطلاق الدليل على