المناكحات والمعاملات وأنكر آخرون ذلك كلّه » (١).
وبذلك ظهر ضعف دليل التفصيل على عدم الجواز فيما فعله وجوبا أو ندبا ، فإنّه استدلّ بلزوم إيجاب ما لم يعلم وجوبه ، والحكم باستحباب ما لم يعلم استحبابه ، لاحتمال كونه على هذا الوجه من خصائصه وهو حرام ، إلى أن قال : مضافا إلى ما ورد عنهم من قولهم « إنّا أهل بيت لا يقاس بنا أحد » (٢) ثمّ علّل الكراهة فيما فعله مكروها بأنّ الظاهر عدم الخلاف في كراهته ، والإباحة فيما فعله مباحا بالأصل الخالي عن المعارض ، واحتمال اختصاص الإباحة لا يدفع الأصل.
ووجه الضعف : أنّ مبناه على التشريع من جهة قيام احتمال الاختصاص ، وهذا الاحتمال منفيّ بحكم الفرض ، مع أنّه لو بنينا على تعميم موضوع هذه المسألة بالقياس إلى ما يحتمل كونه من الخصائص ، بأن يكون الموضوع ما لم يعلم كونه منها ، كفى في الخروج عن التشريع المحرّم أصالة عدم الاختصاص فقاهة واجتهادا ، فاحتمال كونه من الخصائص منفيّ إمّا بحكم الفرض أو بحكم الأصل.
وكذا ظهر ضعف القول بعدم الجواز مطلقا ، على ما نقله الشيخ في العدّة.
واحتجّ الأكثر على القول بوجوب التأسّي بوجوه :
منها : الإجماع على الرجوع في الأحكام إلى أفعاله صلىاللهعليهوآلهوسلم كما في قبلة الصائم ، فقد روي عن امّ سلمة أنّها سألته صلىاللهعليهوآلهوسلم عنها بعد ما سألها الصحابة ، « فقال لها : لم لا تقولين لهم أنّي اقبّل وأنا صائم » (٣) وكما في الغسل عن التقاء الختانين ، فروي أنّ الصحابة اختلفوا في الغسل من التقاء الختانين ، فسألوا عائشة : « فقالت : فعلت أنا ورسول الله عليه وآله السلام فاغتسلنا » (٤) فرجعوا إلى ذلك واتّفقوا عليه وإجماعهم إنّما كان بفعله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وأيضا نقل في المحصول « أنّ عمر كان يقبّل حجر الأسود ، ويقول : إنّي أعلم أنّك حجر لا يضرّ ولا ينفع ، ولولا أنّي رأيت رسول الله عليه الصلاة والسلام كان يقبّلك ما كنت اقبّلك » (٥) فعلم أنّ فعله عليهالسلام متّبع للامّة.
__________________
(١) منية اللبيب : ٢١٦.
(٢) معاني الأخبار : ٥٦ وبحار الأنوار ٢٢ : ٤٠٧ / ٢٢.
(٣) صحيح احمد بن حنبل : ٢ / ١٢٠ و ١٨٥.
(٤) سنن الترمذي : كتاب الطهارة ٨٠ وسنن ابن ماجة : كتاب الطهارة ١١١.
(٥) سنن النسائي : مناسك ١٤٧ وسنن ابن ماجة : مناسك ٢٧ وصحيح البخارى : حجّ ٥٠.