أحدهما : أنّ تناول هذه الأشياء تصرّف في ملك الغير من دون إذنه وهو قبيح عند العقل فيكون محظورا عقليّا ، أمّا الكبرى : فمن الواضحات الغنيّة عن البيان ، وأمّا الصغرى : فلأنّ الإذن المعتبرة في المقام عبارة عن ترخيص الشارع ، وهو منتف من جهة العقل والشرع معا.
أمّا الأوّل : فلأنّ النزاع في إثبات حكم العقل ولم يثبت.
وأمّا الثاني : فلأنّ الكلام مفروض في الأشياء قبل ورود الشرع ولو لعدم وصول الخطاب إلى المكلّف.
ويزيّفه : منع إطلاق قبح التصرّف في ملك الغير من دون إذنه عند العقل ، وإنّما يسلّم حكمه بذلك في مواضع ليس المقام بشيء منها :
الأوّل : ما لو تضرّر المالك بالتصرّف في ملكه.
الثاني : ما لو تضرّر المتصرّف بتصرّفه فيه.
والثالث : ما لو منع المالك من التصرّف في ملكه ، والكلّ منتف فيما نحن فيه.
أمّا الأوّل : فلأنّ المالك هاهنا ليس إلاّ الله سبحانه ، ولا يعقل في حقّه تضرّر في تناول هذه الأشياء.
وأمّا الثاني : فلأنّ المفروض عدم المضرّة في هذه الأشياء ، فلا يتضرّر المتصرّف بتصرّفه لا في ماله ولا في بدنه ولا في نفسه ولا في عرضه ، والضرر الدنيوي بالقياس إلى المتصرّف لا يخلو عمّا يعود إلى ماله أو بدنه أو نفسه أو عرضه والكلّ منتف ، فاحتمال تضرّر المالك أو المتصرّف أو كليهما ساقط في المقام بالفرض.
وأمّا الثالث : فلأنّ المفروض عدم ورود منع من الشارع كما هو قضيّة فرض البحث فيما قبل ورود الشرع ، وحكم العقل بقبح التصرّف في غير هذه المواضع غير مسلّم.
لا يقال : إنّ العقل كما يحكم بقبح التصرّف في ملك الغير مع تحقّق منع المالك كذلك يحكم به مع احتماله ، لقضاء إتمام الدليل بذلك بعوده إلى الوجه الآتي فلا يكون دليلا على حدة ، لأنّ المنع المحتمل من المالك إمّا أن يكون لأجل وصول الضرر إلى المالك أو إلى المتصرّف أو إلى كليهما ، ولمّا كان المالك هو الله تعالى ولا يتصوّر ضرر في حقّه فلا بدّ من أول الضرر المحتمل إلى المتصرّف الّذي هو العبد من جهة منعه تعالى إيّاه من تناول هذه الأشياء ، فيرجع الكلام حينئذ إلى وجوب دفع الضرر المحتمل كما هو مفاد الوجه الثاني ، وهو الّذي تمسّك