الظنّ بكونه أبيض كما هو واضح ، ومرجعه إلى انتفاء الاتّحاد فيما بين المشكوك فيه والأفراد الغالبة في العنوان الصادق عليهما صنفا أو نوعا أو جنسا.
ولا ريب أنّ الممكن والممتنع نوعان متقابلان ليس بينهما جهة جامعة ، وعنوان صادق عليهما يكون صنفا أو نوعا أو جنسا ، ومحلّ الشكّ مشكوك في اندراجه في أيّ النوعين حتّى يتّصف بوصفه من الإمكان والامتناع ، فالشكّ في وصفه إنّما هو باعتبار اشتباهه بين النوعين فيستحيل الظنّ بإمكانه من جهة غلبة الممكنات وندرة الممتنعات وإن فرضناها في كمال الندرة.
فالصحيح من محامل الأصل هنا هو ما ذكرناه من القاعدة وهو الّذي يقتضيه كلام الشيخ الرئيس أيضا ، لمكان قوله : « ولم يقم على امتناعه برهان » فإنّه كالصريح في أنّ المحتاج إلى إقامة البرهان إنّما هو القائل بالامتناع ، وأمّا المدّعي للإمكان فيكفيه مجرّد عدم قيام البرهان على الامتناع.
واحتجّ ابن قبة (١) بوجهين :
أحدهما : أنّه لو جاز التعبّد بخبر الواحد في الإخبار عن النبيّ لجاز التعبّد به في الإخبار عن الله تعالى لجامع كون المخبر عادلا في الصورتين ، والتالي باطل إجماعا ، وهو ضعيف من وجوه :
الأوّل : أنّ الإخبار في الصورتين إمّا أن يتعلّق باصول الدين أو بفروعه ، وعلى الأوّل فبطلان اللازم والملازمة كلاهما مسلّمان ، غير أنّ محلّ البحث ليس هو التعبّد به في اصول الدين ، فإنّ التعبّد به فيها غير جائز لا في الإخبار عن الله ولا في الإخبار عن النبيّ ولا في الإخبار عن الوصيّ ، لأنّ المطلوب فيها العلم وخبر الواحد لا يوجبه ، فيلزم بالتعبّد به على تقدير وقوعه إمّا التكليف بما لا يطاق إن قصد به إيجاب تحصيل العلم بالخبر الغير المفيد له ، أو نقض الغرض إن قصد به الأخذ بمؤدّى الخبر الغير العلمي وكلاهما قبيحان.
وعلى الثاني : فالملازمة مسلّمة ولكن بطلان التالي ممنوع ، إذ لا دليل على عدم حجّيّة الإخبار عن الله إذا تعلّق بالفروع ، والإجماع المدّعى عليه غير مسلّم ولذا يعمل بالأحاديث القدسيّة من غير نكير بقول مطلق ، بل قد يقال : إنّ لازم من يقول بحجّيّته عن المعصوم أن يقول بها عن الله تعالى أيضا ، لاتحاد الطريق ووحدة المناط وجريان دليل الحجّيّة فيهما معا.
__________________
(١) حكاه المحقّق في المعارج : ١٤١.