ج٢ : إنّ كان معنى الثأر هو قتل نفس القتلة ـ عبيد الله بن زياد ، وعمر بن سعد بن أبي وقّاص ، وشمر بن ذي الجوشن ، وحرملة بن كاهل ، و ... ـ فقد قيّض الله تعالى لهؤلاء المختار بن أبي عبيد الثقفي وقتلهم جميعاً ، كما نال من كثير ممّن اشتركوا في واقعة كربلاء ضدّ الحسين عليهالسلام.
وإن كان معنى الثأر هو فضح مخطط هؤلاء ، ومن ورائهم يزيد بن معاوية ، فإنّ الإمام السجّاد عليهالسلام لم يتوان عن ذلك ، وثأر لدماء شهداء كربلاء في دمشق ، وبمحضر الجهاز الحاكم ـ لاحظوا خطبته في ذلك المجلس ـ حتّى أنّ يزيد أمر المؤذّن أن يقطع عليه خطبته ، لأنّه افتضح أمام أهل الشام المغفّلين ، وقد عرّفه ـ الإمام السجّاد عليهالسلام هذه الحقيقة ـ حينما قال : ستعرف من الغالب ، وذلك عند رفع المؤذّن للأذان.
ج٣ : إنّ تلبية الإمام الحسين عليهالسلام لدعوة أهل الكوفة تنطوي على عدّة مضامين منها :
١ ـ إنّ استجابته عليهالسلام لهم هي لقطع الألسنة وقطع المعاذير ، والحقيقة أنّ الأمر أعمق من ذلك ، وهذا ما سيتبيّن في النقاط التالية.
٢ ـ إنّ الإمام الحسين عليهالسلام كان يعلم بمقتله ، لأنّ جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآله أخبر بذلك ، ودفع إليه بتربة من كربلاء ـ وهذا يرويه علماء من الفريقين ـ كما أنّه قال عليهالسلام : « وخيّر لي مصرع أنا لاقيه » (١).
٣ ـ إنّ الإمام الحسين عليهالسلام لم يكن ينوي اللجوء إلى مكان آمن ـ لغرض السلامة ـ بل قالها بصراحة : « إنّما خرجت ... أُريد آمر بالمعروف ، وأنهى عن المنكر ، وأسير بسيرة جدّي ... » (٢).
فالإمام الحسين عليهالسلام قصد الكوفة باعتبارها واحدة من الحواضر المتمرّدة على الحكم الأموي ـ غالباً ـ وباعتبار الأعراق والقوميات المختلفة فيها ،
__________________
١ ـ شرح الأخبار ٣ / ١٤٦ ، مثير الأحزان : ٢٩.
٢ ـ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٢٤١.