فللمتّبع أن يدرك أنّ عطش الحسين عليهالسلام من مسلّمات يوم الطفّ ، فقد روى ابن كثير : « وقد اشتدّ عطش الحسين ، فحاول أن يصل إلى أن يشرب من ماء الفرات فما قدر ، بل مانعوه عنه ، فخلص إلى شربة منه ، فرماه رجل يقال له حصين بن تميم في حنكه فأثبته ، فانتزعه الحسين من حنكه ففار الدم ، فتلقّاه بيديه ، ثمّ رفعهما إلى السماء وهما مملوءتان دماً ، ثمّ رمى به إلى السماء وقال : « اللهم أحصهم عدداً ، واقتلهم بدداً ، ولا تذر على الأرض منهم أحداً » ، ودعا عليهم دعاءً بليغاً ، قال : فو الله إن مكث الرجل الرامي له إلاّ يسيراً ، حتّى صبّ الله عليه الظمأ ، فجعل لا يروى ويسقى الماء مبرداً ... (١).
وقد أنشد الحاكم النيسابوري في ذلك :
جاءوا برأسك يا بن بنت محمّد |
|
متزمّلاً بدمائه تزميلا |
وكأن بك يا بن بنت محمّد |
|
قتلوا جهاراً عامدين رسولا |
قتلوك عطشاناً ولم يتبروا |
|
في قتلك القرآن والتنزيلا |
ويكبّرون بأن قتلت وإنّما |
|
قتلوا بك التكبير والتهليلا (٢) |
وروى ذلك ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق ، والمزّي في تهذيب الكمال وغيرهما.
فماذا بقي بعد ذلك من مصادر للتاريخ لم تذكر قصّة منع الماء وعطش الحسين عليهالسلام؟ ليقول ذلك الكاتب في كذبته المفضوحة : إنّما تذكر لدغدغة المشاعر ، فلا يثبت منها شيء ، نعوذ بالله من الخذلان والهوى!
ردّ إنكاره للكرامات التي ظهرت :
__________________
١ ـ البداية والنهاية ٨ / ٢٠٣.
٢ ـ البداية والنهاية ٦ / ٢٦١ و ٨ / ٢١٦ ، تاريخ مدينة دمشق ١٦ / ١٨١ ، تهذيب الكمال ٦ / ٤٤٨.