فهذه الرواية صريحة في أنّ المكروه السابق لا يشمل الحزن على سيّد الشهداء الحسين عليهالسلام.
هذا وقد أشبع الحديث عن ذلك العلاّمة في المنتهى ، حيث قال : « البكاء على الميّت جائز غير مكروه إجماعاً قبل خروج الروح وبعده إلاّ الشافعي ، فإنّه كرهه بعد الخروج ....
النياحة بالباطل محرّمة إجماعاً ، أمّا بالحقّ فجائزة إجماعاً ....
يحرم ضرب الخدود ونتف الشعر وشقّ الثوب ، إلاّ في موت الأب والأخ ، وقد سوّغ فيها شقّ الثوب للرجل ، وكذا يكره الدعاء بالويل والثبور » (١).
وقال الشهيد في الذكرى : « يحرم اللطم والخدش وجز الشعر إجماعاً ، قاله في المبسوط لما فيه من السخط لقضاء الله ... ، واستثنى الأصحاب إلاّ ابن إدريس شقّ الثوب على موت الأب والأخ ، لفعل العسكري على الهادي عليهماالسلام ، وفعل الفاطميات على الحسين عليهالسلام ....
وسئل الصادق عليهالسلام عن أجر النائحة فقال : « لابأس قد نيح على رسول الله صلىاللهعليهوآله » ، وفي خبر آخر عنه عليهالسلام : « لابأس بكسب النائحة إذا قالت صدقاً » ....
وروى أبو حمزة عن الباقر عليهالسلام : « مات ابن المغيرة ، فسألت أُمّ سلمة النبيّ صلىاللهعليهوآله أن يأذن لها في المضي إلى مناحته فأذن لها ، وكان ابن عمّها ـ ثمّ رثته بأبيات ـ وفي تمام الحديث ، فما عاب عليها النبيّ صلىاللهعليهوآله ذلك ولا قال شيئاً » ....
يجوز الوقف على النوائح لأنّه فعل مباح ، فجاز صرف المال إليه ، ولخبر يونس بن يعقوب عن الصادق عليهالسلام قال : « قال لي أبي : يا جعفر ، قف من مالي كذا وكذا لنوادب تندبني عشر سنين بمنى أيّام منى » ، والمراد بذلك تنبيه الناس على فضائله ، وإظهارها ليقتدى بها » (٢).
__________________
١ ـ منتهى المطلب ١ / ٤٦٧.
٢ ـ الذكرى : ٧٢.