رَجَعْتُمْ ) إلى أوطانكم ( تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ) ، ( ذَلِكَ ) التمتّع بالعمرة إلى الحجّ فرض ( لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) أي لم يكن من أهل مكّة وقُراها ( وَاتَّقُواْ اللهَ ) فيما أُمرتم به ، ونُهيتم عنه في أمر الحجّ ( وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ).
والآية صريحة في جواز التمتّع بمحظورات الإحرام بعد الإتيان بأعمال العمرة ، وقبل الإحرام للحجّ ، ولم يدّع أحد أنّ الآية نسخت بآية أُخرى ، أو قول أو فعل من قبل النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله ، بل أنّه صلىاللهعليهوآله أكّدها وأمر بها.
روى أحمد : « عن عائشة زوج النبيّ قالت : خرج رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى الحجّ ، لخمس ليال بقين من ذي القعدة ، ولا يذكر الناس إلاّ الحجّ ، حتّى إذا كان بسرف وقد ساق رسول الله صلىاللهعليهوآله معه الهدي ، وأشراف من أشراف الناس ، أمر الناس أن يحلّوا بعمرة إلاّ من ساق الهدي ... ودخل رسول الله صلىاللهعليهوآله مكّة ، فحلّ كُلّ من كان لا هدي معه ، وحلّ نساؤه بعمرة » (١).
وروى ابن هشام : عن حفصة ابنة عمر قالت : لمّا أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله نساءه أن يحللن بعمرة قلن : فما يمنعك يا رسول الله أن تحلّ معنا؟ فقال : « إنّي أهديت ولبدت ، فلا أحلّ حتّى أنحر هديي » (٢).
وتظافرت الروايات حول هذه الواقعة وما أمر به النبيّ ، وسنذكر هنا قسماً منها.
١ ـ روى ابن داود : عن جابر بن عبد الله : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله أمر أصحابه أن يجعلوها عمرة : يطوفوا ، ثمّ يقصّروا ، ويحلّوا ، إلاّ من كان معه الهدي ، فقالوا : أفنطلق إلى منى وذكورنا تقطر؟! فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : « لو أنّي استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت ، ولولا أنّ معي الهدي لأحللت » (٣).
__________________
١ ـ مسند أحمد ٦ / ٢٧٣ ، تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٤٠١.
٢ ـ السيرة النبوية لابن هشام ٤ / ١٠٢١.
٣ ـ سنن أبي داود ١ / ٤٠٢.