ج : الخبر المذكور نقله ابن عساكر بسند متّصل إلى مغيرة ، ومغيرة هذا هو ابن مقسم الضبي ، وهو بعيد بكثير عن حادثة شهادة الإمام علي عليهالسلام ، فالخبر إذاً مقطوع السند ، ثمّ أنّ هناك كلام في المغيرة ، فمنهم من وثّقة ، ومنهم من قال : أنّه يدلّس (١).
والخبر الذي نقله هو : « جاء نعي علي بن أبي طالب إلى معاوية ، وهو نائم مع امرأته فاخته بنت قرظة ، فقعد باكياً مسترجعاً ، فقالت له فاخته : أنت بالأمس تطعن عليه واليوم تبكي عليه ، فقال : ويحك أنا أبكي لما فقد الناس من حلمه وعلمه » (٢).
ولو غضضنا النظر عن السند ، وبحثنا في دلالته لتوصّلنا إلى ما يأتي :
١ ـ اعتراف معاوية للإمام علي عليهالسلام بالحلم والعلم.
٢ ـ استنكار امرأة معاوية من التناقض في سلوك معاوية من قتاله والبكاء عليه ، ومعنى كلامها أنّ عدائك للإمام عليه عليهالسلام شديد ، حتّى وصل إلى القتال ، فما معنى بكاءك؟ فيردّ عليها : أنّ الذي عند الإمام علي عليهالسلام من الحلم والعلم يجعل الأعداء تبكي عليه.
٣ ـ احتياج الناس إلى الإمام عليهالسلام ، وافتقارهم له عند موته.
٤ ـ إقرار معاوية بقتاله لعلي عليهالسلام.
٥ ـ بكاء معاوية كان إشفاقاً على الناس لفقدهم الإمام عليهالسلام حسب تعليله هو.
وبملاحظة هذه الأُمور ، فإنّ هذا الخبر لا يعطي أيّ دلالة على عدم وجود العداء بين الإمام عليهالسلام ومعاوية ، بل على العكس من ذلك ، فهو يؤكّد وجود ذلك العداء ، ويظهر فضائل الإمام عليهالسلام ، ويؤكّد الحجّة على معاوية.
__________________
١ ـ الثقات : ٤٦٤ ، التبيين لأسماء المدلّسين : ٥٦.
٢ ـ تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٥٨٢.