الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى ) (١).
وفي رواية : أنّه صلىاللهعليهوآله كره مجيء ابن أُمّ مكتوم ، وقال في نفسه : يقول هذا القرشي : إنّما أتباعه العميان والسفلة والعبيد ، فعبس صلىاللهعليهوآله إلخ.
وكأنّ ذلك الزعيم لم يكن يعلم بذلك!! وكأنّ قريشاً لم تكن قد صرّحت بذلك وأعلنته!!
وعن الحكم : « ما رؤي رسول الله صلىاللهعليهوآله بعد هذه الآية متصدّياً لغني ، ولا معرضاً عن فقير » (٢).
وعن ابن زيد : « لو أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كتم شيئاً من الوحي ، كتم هذا عن نفسه » (٣).
وأيّ تفسير قرآن آخر لغير الشيعة ؛ فإنّك تجد فيه الروايات المختلفة التي تصبّ في هذا الاتجاه.
فابن زيد يؤكّد بكلامه هذا على مدى قبح هذا الأمر ، وعلى مدى صراحة الرسول صلىاللهعليهوآله ، حتّى إنّه لم يكتم هذا الأمر ، رغم شدّة قبحه وشناعته!
لقد أجمع المفسّرون ، وأهل الحديث ، باستثناء شيعة أهل البيت عليهمالسلام على أصل القضية المشار إليها.
ونحن نرى : أنّها قضية مفتعلة ، لا يمكن أن تصحّ ، وذلك أوّلاً : لضعف أسانيدها ، لأنّها تنتهي إلى عائشة ، وأنس ، وابن عباس من الصحابة ، وهؤلاء لم يدرك أحد منهم هذه القضية أصلاً ، لأنّه إمّا كان حينها طفلاً ، أو لم يكن ولد (٤).
__________________
١ ـ عبس : ١ ـ ١٠.
٢ ـ الدرّ المنثور ٦ / ٣١٥.
٣ ـ جامع البيان ٣٠ / ٦٦ ، الدرّ المنثور ٦ / ٣١٥.
٤ ـ أُنظر : الهدى إلى دين المصطفى ١ / ١٥٨.