الله وحده ، وعلى هذا نفهم أنّ هدف النبيّ صلىاللهعليهوآله هدف نبيل ، قصد من ورائه هدم سنّتين جاهليتين.
وإذا كانت التهمة الموجّهة إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله صحيحة ، وأنّه كان يعجبه جمال زينب ، فلماذا لم يخطبها في البداية لنفسه؟ وهي ابنة عمّته ، بل خطبها لزيد؟! ولماذا كان النبيّ صلىاللهعليهوآله يمنع زيداً من طلاق زينب؟ في حين أنّ المناسب على تقدير رغبته في جمالها عدم تشجيعه على إبقاء الزوجية : ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ ) (١)؟
على أنّ القرآن أوضح الهدف من الزواج المذكور ، وأنّه ليس جمال زينب ، بل هو شيء آخر : ( فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ) (٢).
وأمّا ما جاء في عيون أخبار الرضا عليهالسلام ، فلا نرى اشتماله على قدح في مقام النبوّة ، لأنّ الرواية هكذا : « إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قصد دار زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي في أمر أراده ، فرأى امرأته تغتسل ، فقال لها : سبحان الذي خلقك أن يتّخذ له ولداً ، يحتاج إلى هذا التطهير والاغتسال ... ».
والقدح المتصوّر هو من إحدى جهتين ، فهو أمّا من جهة أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله رآها تغتسل ، ولكن من الواضح أنّ الرواية لم تقل رآها عارية ، وإنّما المقصود رآها مشغولة بالغسل ، والمناسب أن تكون مستورة ، أو من جهة أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله عبّر بما يوحي بتأثير جمالها عليه ، ولكن يردّه أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يقل : سبحان الذي خلق جمالك ، وإنّما نزّه الله سبحانه من مقالة من قال : أنّ الله قد اتخذ بنات ، إنّه كيف يتّخذ بنتاً وهي تحتاج إلى التطهير والاغتسال؟!
وقد أخذ علمائنا بظاهر القرآن ، وأنّه هو الحجّة ، ولم يعيروا للرواية أهمّية ، وبعضهم أزرى بمثل هذه الرواية في كتب العامّة ، ووافق من أبطلها
__________________
١ ـ الأحزاب : ٣٧.
٢ ـ الأحزاب : ٣٧.