وإنّ كان ليس للرسول صلىاللهعليهوآله ، هل يعني الله تعالى عفا عن المنافقين ، كما قال عزّ من قائل : ( عَفَا اللهُ عَنكَ ... )؟ وهل النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يأذن لهم؟ ومنهم الذين أذن لهم؟ أي من هو الشخص الذي أذن لشخص آخر؟
وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) (١).
هل هذا عتب؟ ونرجو بيان ( وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ، هل يعني هناك ذنب ولو أولى؟ والله تعالى غفر له؟ وما معنى الرحمة هذه؟ والمعروف ضدّها غضب والعياذ بالله؟ والرسول صلىاللهعليهوآله معصوم ورحمة للعالمين.
وما معنى : ( قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ )؟ وهل يعني هناك ذنب والعياذ بالله؟ وإن لم يكن ذلك لماذا فرض الله تحلّة الإيمان؟ وهلاّ ضربتم لنا مثالاً في حياتنا؟ إن لم يكن ذنب وجب علينا تحلّة الإيمان؟ على العموم أنا مؤمن أنّ الرسول صلىاللهعليهوآله معصوم من كُلّ ذنب ، وكذلك الأئمّة عليهمالسلام ، ولكن أُريد توضيحاً منكم.
ج : علينا في البداية أنّ نعرف المضمون الإجمالي للآية الكريمة ، وحاصله : أنّ بعض المنافقين جاء إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله في غزوة تبوك ، وأخذ ببيان بعض الأعذار الواهية في تركه الخروج للغزوة ، وكان النبيّ صلىاللهعليهوآله يعرف أن أعذارهم باطلة ، وأنّهم لا يريدون الخروج رأساً ، وأنّ استنادهم إلى تلك الأعذار ليس صادقاً.
أي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان يعلم أنّه حتّى لو لم يأذن لهم يتركون الحرب ، وينكشفون آنذاك لجميع المسلمين ، وحيث أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله عرف واقع الحال أذن لهم ، ونزلت الآية لتقول : إنّك لو لم تأذن لهم لانكشف حالهم إلى جميع المسلمين بسرعة ، فالمسألة مسألة عتاب على ترك الأولى ، أي أنّ الأولى له كان هو عدم الأذن لهم ، حتّى ينكشف حالهم للجميع بسرعة.
فالخطاب إذاً موجّه إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله وليس إلى المنافقين ، والعفو المذكور عفو عن ترك الأولى.
__________________
١ ـ التحريم : ١ ـ ٢.