فكان ج : ليس في هذا الخطاب والعتاب منقصة على المخاطب والمعاتب إن لم يكن محمّدة نظير قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) (١) ، فهل أخطأ النبيّ حين حرّم ما أحلّ لله له؟
فقالوا : نعم أخطأ النبيّ في ذلك ، وإلاّ ما احتاج الأمر إلى المعاتبة ، فما هو جوابكم؟ ولكم جزيل الشكر.
الجواب : في هذا الحديث دلالة على الكمال ، وفيه محمّدة للمخاطب ، ومن قال لك أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله أخطأ فعوتب ، فالمخطئ هو لا النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وتقريب ذلك :
١ ـ إنّ التحريم ليس تحريماً شرعياً ، بل هو تحريم لغوي ، بمعنى المنع ، أي : لِمَ تمنع نفسك عن مشتهياتك بسبب مرضاة زوجاتك ، فإنّ رضاك مقدّم على رضاهُنّ ، فافعل ما تريد ، وإن هُنّ فعلن ما أردنَ ، فالإثم لهُنَّ لا لك ، فيكون التحريم بالمعنى اللغوي ، كما في قوله تعالى في موسى عليهالسلام : ( وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ ) (٢) ، أي منعنا موسى عن ارتضاع امرأة مطلقاً إلاّ أُمّه حتّى رجع إليها.
٢ ـ إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله وعلياً عليهالسلام ، كُلّ منهما حرَّم على نفسه ، ولم يحرّم تحريماً عامّاً شرعياً ، ليكون خلاف ما أمر الله ، فلو أنّ شخصاً مَنَع نفسه من أكل التفاح مثلاً ، فهل يُعَدُّ هذا مشرِّعاً مُحرِّماً؟! اللهم لا.
٣ ـ إنّ هذا وارد مورد التحنّن والتوجّع ، مثل قوله تعالى : ( طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى ) (٣).
قال الطبرسي : ( تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ) ، أي تطلب به رضاء نسائك ، وهُنَّ أحقّ بطلب مرضاتك منك ، وليس في هذا دلالة على وقوع ذنب منه ، صغير أو كبير ، لأنّ تحريم الرجل بعض نسائه ، أو بعض الملاذ ، لسببٍ أو لغير سبب
__________________
١ ـ التحريم : ١.
٢ ـ القصص : ١٢.
٣ ـ طه : ١ ـ ٢.