ج : إنّ الأئمّة عليهمالسلام لا يكتفون في الاستدلال على إمامتهم بطريق واحد ، بل يلجأون إلى كُلّ طريقة تنفع لإثبات حقّهم ، من اشهاد الشهود ، أو الاستدلال بالأحاديث التي وردت عن آبائهم المعصومين ، أو إظهار المعجزة إن اضطرّه الموقف لذلك ، وهذا يختلف باختلاف الناس ومراتبهم وعلمهم ، فهم يكلّمون الناس على قدر عقولهم.
أمّا النصوص الوارد بأسماء الأئمّة جميعاً ، فهي نصوص كانت تتداول عند مجموعة من الرواة ، ولا يخفى ما يتعرّض له الراوي عن الأئمّة من الخوف والمطاردة والمحاسبة من قبل حكّام تلك العصور ، وحتّى لو كان هؤلاء الرواة يسعون إلى نشرها ، فإنّها لا يمكن أن تصل إلى أكثر من مجموعة قليلة من الناس ، بحسب الظروف في ذلك الزمان ، وتبقى الفئة الكبيرة من الناس تطلب معرفة الإمام من الإمام الذي قبله.
كما إنّ كثيراً من رواة الحديث كانوا يعرضون ما عندهم من الروايات عن إمام سابق على الإمام اللاحق ، ويسألونه عن روايات هي موجودة عندهم ، وذلك ليتأكّدوا من صحّتها أو عدم حصول البداء فيها.
أمّا ما يتعلّق بالشهود ، فهو بالإضافة إلى ما ذكر من أنّه طريق لزيادة بصيرة ومعرفة الناس بالإمام ، هو لإتمام الحجّة على الناس ، لأنّ الإمام يعلم أنّ بعضهم سوف ينحرف عن الحقّ.
فقد روى الشيخ الصدوق قدسسره بسنده عن الحسن بن علي عليهماالسلام يقول : « كأنّي بكم وقد اختلفتم بعدي في الخلف منّي ... ، أما إنّ لولدي غيبة يرتاب فيها الناس إلاّ من عصمه الله عزّ وجلّ » (١) ، وليس هذا بالغريب ، فالنبيّ صلىاللهعليهوآله مع كثرة النصوص التي قالها في حقّ الإمام علي عليهالسلام تراه يُشهد الأُمّة كاملة في يوم الغدير بالنصّ على ولاية أمير المؤمنين عليهالسلام.
__________________
١ ـ ثواب الأعمال وعقابها : ٩٠.