أبو حنيفة ، وقال قوم : العورة هما السوأتان فقط من الرجل ، وسبب الخلاف في ذلك : أثران متعارضان ، كلاهما ثابت :
أحدهما : حديث جرهد : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : « الفخذ عورة » ، والثاني : حديث أنس : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله حسر عن فخذه ، وهو جالس مع أصحابه ، قال البخاري : وحديث أنس أسند ، وحديث جرهد أحوط » (١).
وفي نيل الأوطار : « قال النووي : ذهب أكثر العلماء إلى أنّ الفخذ عورة ، وعن أحمد ومالك في رواية : العورة القُبل والدبر فقط ، وبه قال أهل الظاهر وابن جرير والاصطخري » (٢).
وفي المصدر نفسه : « باب من لم ير الفخذ من العورة ، وقال : هي السوأتان فقط.
عن عائشة : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان جالساً كاشفاً عن فخذه ، فاستأذن أبو بكر فإذن له وهو على حاله ، ثمّ استأذن عمر فأذن له وهو على حاله ، ثمّ استأذن عثمان فأرخى عليه ثيابه ، فلمّا قاموا قلت : يا رسول الله استأذن أبو بكر وعمر فأذنت لهما وأنت على حالك ، فلمّا استأذن عثمان أرخيت عليك ثيابك؟ فقال : « يا عائشة ألا استحي من رجل ، والله إنّ الملائكة لتستحي منه » رواه أحمد.
وروى أحمد هذه القصّة من حديث حفصة بنحو ذلك ولفظه : دخل عليّ رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات يوم ، فوضع ثوبه بين فخذيه ، وفيه فلمّا استأذن عثمان تجلّل بثوبه.
الحديث أخرج نحوه البخاري تعليقاً فقال في صحيحه في بعض ما يذكر في الفخذ : ... وعن أنس : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله يوم خيبر حسر الإزار عن فخذه حتّى إنّي
__________________
١ ـ بداية المجتهد ١ / ٩٥.
٢ ـ نيل الأوطار ٢ / ٤٩.