أجمع أصحابي ، فجمعتهم ، فقال لنا : أشهدوا على أنّي لا أقول بتكفير أحد من عوام أهل القبلة ، لأنّي رأيتهم كُلّهم يشيرون إلى معبود واحد ، والإسلام يشملهم ويعمّهم » (١).
وقال القاضي الإيجي : « جمهور المتكلّمين والفقهاء على أنّه لا يكفّر أحد من أهل القبلة » (٢).
وقال المنّاوي : « فمخالف الحقّ من أهل القبلة ليس بكافر ، ما لم يخالف ما هو من ضروريات الدين ، كحدوث العالم وحشر الأجساد » (٣).
بل إنّنا نجد أنّه قد جاء عن ابن تيمية ما هذا لفظه : « جميع أُمّة محمّد صلىاللهعليهوآله موحّدون ، ولا يخلّد في النار من أهل التوحيد أحد » (٤).
ولا تظنّ أنّ ابن تيمية يريد بأهل التوحيد أمراً غامضاً معقّداً أكثر ممّا هو وارد في الروايات الواردة عن النبيّ صلىاللهعليهوآله السالفة الذكر ، من النطق بالشهادتين والإتيان بالفرائض وعدم جحدها.
وقال الإمام الشافعي : « فأعلم رسول الله صلىاللهعليهوآله أن فرض الله أن يقاتلهم حتّى يظهروا أن لا إله إلاّ الله ، فإذا فعلوا منعوا دماءهم وأموالهم إلاّ بحقّها » (٥).
وقال القاضي عياض : « اختصاص عصم النفس والمال بمن قال : لا إله إلاّ الله ، تعبير عن الإجابة إلى الإيمان ، أو أنّ المراد بهذا مشركو العرب وأهل الأوثان ومن لا يوحّد ، وهم كانوا أوّل من دعي إلى الإسلام وقوتل عليه ، فأمّا غيرهم ممّن يقرّ بالتوحيد ، فلا يكتفي في عصمته بقوله لا إله إلاّ الله ، إذا كان يقولها في كفره وهي من اعتقاده ، ولذلك جاء في الحديث الآخر : وأنّي رسول الله ، ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة » (٦).
__________________
١ ـ اليواقيت والجواهر : ٥٠.
٢ ـ المواقف في علم الكلام ٣ / ٥٦٠.
٣ ـ فيض القدير ٥ / ١٢.
٤ ـ مجموع الفتاوى ١١ / ٤٨٧.
٥ ـ الأُم ٧ / ٣١١.
٦ ـ بحار الأنوار ٦٥ / ٢٤٣.