١ ـ إنّ استشهاد الشيعة بمصادر أهل السنّة ليس من باب القول بحجّيتها ، وإنّما من باب الإلزام : « الزموهم بما الزموا به أنفسهم » ، والشيعة وعلى مرّ العصور لم تعتبر صحاح ومسانيد أهل السنّة حجّة عليهم ، لأنّها قد ورد القدح في طرقها وفي مؤلّفيها ، فهي غير سليمة من ناحية الأسانيد ، لذلك لا تكون حجّة ، وإنّما يبحث فيها الشيعة من باب الإلزام.
فإذا استدلّ أهل السنّة بحديث أو أحاديث من صحاحهم أو مسانيدهم ، حاول علماء الشيعة في نقضه الاعتماد على نفس مصادرهم في الجرح والتعديل ، ليكون الزم في الحجّة ، فلو فرضنا أنّ حديثاً ما عندهم لم نتمكّن من إبطاله على مصادرهم ، فهو لا يكون حجّة علينا.
٢ ـ إنّ الأيادي الأثيمة التي حرّفت التاريخ وكانت مستأجرة من قبل السلطان ، أدّت إلى أن لا يصل التاريخ والحوادث المهمّة فيه بصورة نقية ، فأكثر التاريخ الذي رواه أهل السنّة متّهم ، لا يمكن الاعتماد عليه ، يحتاج إلى بحث عميق ، وملاحظة سائر القرائن للتثبّت من الأحداث.
٣ ـ بالنسبة إلى الحديث الأوّل والثاني ، نشاهد بوضوح بأنّه ليس من المتسالم عليه في كتب القوم أنّ يزيد قاد أوّل جيش غزا مدينة قيصر ، حيث ذكر ابن خلدون في تاريخه : « بعث معاوية سنة خمسين جيشاً كثيفاً إلى بلاد الروم مع سفيان بن عوف ، وندب يزيد ابنه ، فتثاقل فتركه ، ثمّ بلغ الناس أنّ الغزاة أصابهم جوع ومرض ، وبلغ معاوية أن يزيد أنشد في ذلك ... » (١).
وكذلك نُقل عن ابن التين وابن المنير نفيهما حضور يزيد في تلك الغزوة ، وذهب إلى النفي غيرهم من المؤرّخين.
٤ ـ ذهب ابن التين وابن المنير ـ كما عنهما في فتح الباري ـ أنّ يزيد على فرض وجوده في الجيش ، فإنّ المراد بالمغفرة لمن وجد شرط المغفرة ، قالا : أنّه لا يلزم من دخوله في ذلك العموم أن لا يخرج بدليل خاصّ ، إذ لا يختلف أهل العلم أنّ
__________________
١ ـ تاريخ ابن خلدون ٣ / ٩.