ج : ينبغي ملاحظة نقاط متعدّدة في مقام الجواب :
أوّلاً : نظام الرقّ والعبودية قد نشأ في أحضان الجاهلية ، وترسّخت مبانيه في أذهانهم ، فكان يتحتّم على النظام الإسلامي أن يقابل هذه الحالة السلبية بطريقة مرنة من خلال تثقيف المسلمين ، وحثّهم على إطلاق سراح العبيد والإماء وتحريرهم ، حتّى تتمّ عملية فكّ رقابهم في المجتمع بصورة غير قسرية وبحالة تدريجية ، لكي لا تؤثّر في الموازنات الاجتماعية والاقتصادية بصورة دفعية ، فتنتج انقلابات وفوضى يمكن الاستغناء عنها.
ثانياً : الإسلام ومن منطلق حرصه على حرّية الفرد كان يحرّض المسلمين دائماً على عملية تحرير الرقاب ، فمن جانب يذكر الأجر والثواب على تحرير العبيد ، ومن جانب آخر يعتبر هذا العمل كفّارة لبعض الذنوب والمعاصي ، وبهذين الطريقين يحاول الإسلام أن يحرّر الكثير من العبيد والإماء ، وقد تخلّص عدد كبير منهم من وطأة الرقّ والعبودية فعلاً.
ثالثاً : إنّ مسألة الرّق في الواقع تشمل المحاربين من الكفّار الذين تمّت عليهم الحجّة ، ولم يقبلوا الإسلام ، فبعد الحرب معهم ، تكون مسألة الرّق والعبودية لنسائهم وأطفالهم بمثابة مدرسة تعليمية يختلطون بواسطتها مع المجتمع الإسلامي ، ويتعايشون معهم ، ويتزوّج بعضهم من بعض ، مع تحديد شروط للمجتمع الإسلامي في معاملته معهم ، كما أنّ الحلول التي وضعها الإسلام لعتقهم هي في غاية الدقّة ، تجعلهم يتحرّرون في أسرع وقت ، وقد اندمجوا في المجتمع الإسلامي ، وتعلّموا المباني الإسلامية ، وهذا ما نشاهده بوضوح من معاملة النبيّ صلىاللهعليهوآله وأهل بيته عليهمالسلام مع العبيد من تعليمهم وعتقهم ، وكانت علاقة هؤلاء العبيد مع أهل البيت عليهمالسلام بمكانة ، ممّا كانت تجعل العبيد يفضّلون البقاء مع أهل البيت عليهمالسلام عبيداً لهم ، على حرّيتهم وعتقهم.
رابعاً : إنّ عدداً من أُمّهات الأئمّة عليهمالسلام كنّ من الجواري والإماء ، ممّا يدلّ على عدم الفرق من حيث المبدأ بين الحرّ والعبيد في سلوك طريق السعادة