بعيد ، وأنّ هذا الأصل هو أبسط الكائنات كافّة ، ومنه بدأ انحدار الكائنات ، وهذه الانقسامات التكاثرية المتشعّبة ، والتي أظهرت تغايرات متباينة في الأجيال.
وقد تكيّفت هذه الأجيال ببيئات مختلفة ، فأنتجت أنواعاً مستحدثة ، تعيش مواكبة لبيئتها الجديدة ، وهي تبتني على عدّة أُسس :
١ ـ التنازع حول البقاء.
٢ ـ الانتخاب الطبيعي.
٣ ـ ناموس التحوّل.
٤ ـ ناموس الوراثة.
هذه هي الأُسس الرئيسية التي بنى دارون عليها نظريته التطوّرية.
ويعتبر لامارك ـ العالم الفرنسي ـ أوّل من صدع بالقول بوجود علاقة وثيقة بين الكائنات الحية ، وفرضية التطوّر والارتقاء (١).
وعلى أيّ حال ، فالكتب مفصّلة فيها النظرية من أحبّ فليراجع.
ثمّ نأتي إلى مسألة التطوّر من حيث إمكانها عقلاً وشرعاً.
وإذا رجعنا إلى النصوص الدينية المقدّسة نجدها تنفي تطوّر الإنسان من نوع سابقاً له على النوع الإنساني ، والآيات القرآنية تكاد أن تكون صريحة في أنّ الإنسان نوع مستقلّ يرجع إلى أبيه آدم وأُمّه حوّاء ، وهما مخلوقان من تراب أو طين ، أو صلصال حسب اختلاف التعبير القرآني ، قال تعالى : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) (٢).
حينما ردّ الله فيها على مزاعم النصارى ، من أنّ عيسى عليهالسلام ولد من غير أب بشري ، ولا ولد إلاّ بوالد ، فعليه يكون أبوه الله تعالى ـ تقدّس ذات الحقّ عن ذلك ـ فردّ الله عليهم ، بأنّ خلقه كخلق آدم ، فكيف أنّ آدم خلق من طين ،
__________________
١ ـ الداروينية عرض وتحليل : ٣٦.
٢ ـ آل عمران : ٥٩.