ولكن بالنسبة للأُمور المستحدثة والتي لم تكن موجودة في عهد الرسول والأئمّة عليهمالسلام ، وإنّما ظهرت في العصور المتأخّرة والحديثة ، فما هي أو ما هو الأسلوب المتبع للاستخراج الحلول والمنافذ عند سماحة العلماء إن لم تكن موجودة في القرآن الكريم والسنّة النبوية المطهّرة؟ ولكم فائق الاحترام والتقدير.
ج : في القرآن الكريم والسنّة الشاملة لأقوال المعصومين عليهمالسلام ، هناك قواعد كُلّية قد استخرجها العلماء ، وهذه القواعد تنطبق على كثير من المسائل الفرعية ، فإذا جاءت مسألة فرعية فالفقيه يرجعها إلى تلك القواعد الكُلّية ، فإن دخلت تلك المسألة تحت حكم إحدى تلك القواعد أفتى الفقيه بذلك.
مثلاً : إذا اكتشفت مادّة جديدة مسكرة ، والقرآن والسنّة لم يشيرا إلى حرمة تلك المادّة ، لكن الفقيه عنده قاعدة كُلّية : بأنّ كُلّ مسكر حرام ، فيستطيع أن يفتي بحرمة هذه المادّة طبقاً إلى تلك القاعدة ، وكذلك هناك قواعد عقلية كُلّية عامّة يستطيع أن يستخدمها ويفتي على طبقها ، وإذا لم توجد هناك أي قاعدة عامّة ، يمكن إدخال المسائل المستحدثة تحتها ، تصل النوبة إلى الأُصول العملية التي هي أيضاً قواعد مستنبطة من أقوال المعصومين عليهمالسلام ، وهذه الأُصول يدخل تحتها جميع المسائل الفرعية ، التي لم يمكن إدخالها تحت القواعد العامّة المستنبطة من القرآن والسنّة ، أو التي لا يمكن إدخالها تحت القواعد العامّة المكتشفة بحكم العقل ، وهذه القواعد المشار إليها بقسميها ـ التي يحرز منها الدليل ـ أو التي يؤخذ منها الموقف العملي ـ تدرس في علم أُصول الفقه.
فالفقيه يبحث أوّلاً عن الحكم الشرعي الذي يسند إلى دليل استخرج من القرآن أو السنّة ، أو العقل أو الإجماع ، ويسمّى الحكم المستخرج من تلك القاعدة الحكم الشرعي الظاهري ، أمّا إذا فقدت تلك القواعد ، فإنّ الفقيه يبحث عن الوظيفة العملية للمكلّف عند فقد تلك الأدلّة المستخرجة من القرآن والسنّة والعقل والإجماع ، ويستطيع الفقيه الوصول إلى تلك الوظيفة بأعمال تلك القواعد المسمّاة بالأُصول العملية.